للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذِكْرُ الْحَرْبِ بَيْنَ الْبَهْلَوَانِ وَصَاحِبِ مَرَاغَةَ

فِي هَذِهِ السَّنَةِ أَرْسَلَ آقَنَسْقَرُ الْأَحْمَدَيْلِيُّ، صَاحِبُ مَرَاغَةَ، إِلَى بَغْدَادَ يَسْأَلُ أَنْ يَخْطُبَ لِلْمَلِكِ الَّذِي هُوَ عِنْدَهُ، وَهُوَ وَلَدُ السُّلْطَانِ مُحَمَّد شَاهْ، وَيَبْذُلُ أَنَّهُ لَا يَطَأُ أَرْضَ الْعِرَاقِ، وَلَا يَطْلُبُ شَيْئًا غَيْرَ ذَلِكَ، وَبَذَلَ مَالًا يَحْمِلُهُ إِذَا أُجِيبَ إِلَى مَا الْتَمَسَهُ، فَأُجِيبُ بِتَطْيِيبِ قَلْبِهِ.

وَبَلَغَ الْخَبَرُ إِيلْدِكْزَ صَاحِبَ الْبِلَادِ، فَسَاءَهُ ذَلِكَ، وَجَهَّزَ عَسْكَرًا كَثِيفًا، وَجَعَلَ الْمُقَدَّمَ عَلَيْهِمُ ابْنَهُ الْبَهْلَوَانَ، وَسَيَّرَهُمْ إِلَى آقَنَسْقَرَ، فَوَقَعَتْ بَيْنَهُمْ حَرْبٌ أَجْلَتْ عَنْ هَزِيمَةَ آقَنَسْقَرَ وَتَحَصُّنِهِ بِمَرَاغَةَ. وَنَازَلَهُ الْبَهْلَوَانُ بِهَا وَحَصَرَهُ وَضَيَّقَ عَلَيْهِ. ثُمَّ تَرَدَّدَتِ الرُّسُلُ بَيْنَهُمْ، فَاصْطَلَحُوا، وَعَادَ الْبَهْلَوَانُ إِلَى أَبِيهِ بِهَمَذَانَ.

ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ

فِي هَذِهِ السَّنَةِ اسْتَوْزَرَ الْخَلِيفَةُ الْمُسْتَنْجِدُ بِاللَّهِ شَرَفَ الدِّينِ أَبَا جَعْفَرٍ أَحْمَدَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ الْمَعْرُوفَ بِابْنِ الْبَلَدِيِّ، وَكَانَ نَاظِرًا بِوَاسِطٍ أَبَانَ فِي وِلَايَتِهَا عَنْ كِفَايَةٍ عَظِيمَةٍ، فَأَحْضَرَهُ الْخَلِيفَةُ وَاسْتَوْزَرَهُ، وَكَانَ عَضُدُ الدِّينِ أَبُو الْفَرَجِ ابْنُ رَئِيسِ الرُّؤَسَاءِ قَدْ تَحَكَّمَ تَحَكُّمًا عَظِيمًا، فَتَقَدَّمَ الْخَلِيفَةُ إِلَى ابْنِ الْبَلَدِيِّ بِكَفِّ يَدِهِ وَأَيْدِي أَهْلِهِ وَأَصْحَابِهِ، فَفَعَلَ ذَلِكَ، وَوَكَّلَ بِتَاجِ الدِّينِ أَخِي أُسْتَاذِ الدَّارِ، وَطَالَبَهُ بِحِسَابِ نَهْرِ الْمَلِكِ، لِأَنَّهُ كَانَ يَتَوَلَّاهُ مِنْ أَيَّامِ الْمُقْتَفِي، وَكَذَلِكَ فَعَلَ بِغَيْرِهِ، فَحَصَّلَ بِذَلِكَ أَمْوَالًا جَمَّةً، وَخَافَهُ أُسْتَاذُ الدَّارِ عَلَى نَفْسِهِ، فَحَمَلَ مَالًا كَثِيرًا.

[الْوَفَيَاتُ]

وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ تُوُفِّيَ عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَنْصُورٍ أَبُو سَعْدِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي الْمُظَفَّرِ السَّمْعَانِيُّ الْمَرْوَزِيُّ، الْفَقِيهُ الشَّافِعِيُّ، وَكَانَ مُكْثِرًا مِنْ سَمَاعِ الْحَدِيثِ، سَافَرَ فِي طَلَبِهِ، وَسَمِعَ مَا لَمْ يَسْمَعْهُ غَيْرُهُ، وَرَحَلَ إِلَى مَا وَرَاءَ النَّهْرِ وَخُرَاسَانَ دُفُعَاتٍ، وَدَخَلَ إِلَى بَلَدِ الْجَبَلِ، وَأَصْفَهَانَ، وَالْعِرَاقِ، وَالْمَوْصِلِ، وَالْجَزِيرَةِ، وَالشَّامِ، وَغَيْرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>