وَحَكَّمَهُ [فِي الْبِلَادِ] وَأَقْطَعَ مَدِينَةَ سَنَجَارَ لِعِمَادِ الدِّينِ ابْنِ أَخِيهِ قُطْبِ الدِّينِ، فَلَمَّا فَعَلَ ذَلِكَ قَالَ كَمَالُ الدِّينِ بْنُ الشَّهْرَزُورِيِّ: هَذَا طَرِيقٌ إِلَى أَذًى يَحْصُلُ لِبَيْتِ أَتَابِكِ ; لِأَنَّ عِمَادَ الدِّينِ كَبِيرٌ لَا يَرَى طَاعَةَ سَيْفِ الدِّينِ، [وَسَيْفَ الدِّينِ] هُوَ الْمَلِكُ لَا يَرَى الْإِغْضَاءَ لِعِمَادِ الدِّينِ فَيَحْصُلُ الْخُلْفُ، وَيَطْمَعُ الْأَعْدَاءُ، فَكَانَ كَذَلِكَ عَلَى مَا نَذْكُرُهُ سَنَةَ سَبْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، وَكَانَ مَقَامُ نُورِ الدِّينِ بِالْمَوْصِلِ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا، وَاسْتَصْحَبَ مَعَهُ فَخْرَ الدِّينِ عَبْدَ الْمَسِيحِ، وَغَيَّرَ اسْمَهُ فَسَمَّاهُ عَبْدَ اللَّهِ، وَأَقْطَعَهُ إِقْطَاعًا كَبِيرًا.
ذِكْرُ غَزْوَةِ صَلَاحِ الدِّينِ بِلَادَ الْفِرِنْجِ وَفَتْحِ أَيْلَةَ
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ سَارَ صَلَاحُ الدِّينِ أَيْضًا عَنْ مِصْرَ إِلَى بِلَادِ الْفِرِنْجِ، فَأَغَارَ عَلَى أَعْمَالِ عَسْقَلَانَ وَالرَّمْلَةِ، وَهَجَمَ عَلَى رَبَضِ غَزَّةَ فَنَهَبَهُ، وَأَتَاهُ مَلِكُ الْفِرِنْجِ فِي قِلَّةٍ مِنَ الْعَسْكَرِ مُسْرِعِينَ لِرَدِّهِ عَنِ الْبِلَادِ، فَقَاتَلَهُمْ وَهَزَمَهُمْ، وَأَفْلَتَ مَلِكُ الْفِرِنْجِ بَعْدَ أَنْ أَشْرَفَ أَنْ يُؤْخَذَ أَسِيرًا، وَعَادَ إِلَى مِصْرَ، وَعَمِلَ مَرَاكِبَ مُفَصَّلَةً، وَحَمَلَهَا قِطَعًا عَلَى الْجِمَالِ فِي الْبَرِّ، وَقَصَدَ أَيْلَةَ، فَجَمَعَ قِطَعَ الْمَرَاكِبِ وَأَلْقَاهَا فِي الْبَحْرِ، وَحَصَرَ أَيْلَةَ بَرًّا وَبَحْرًا وَفَتَحَهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَّلِ مِنْ رَبِيعٍ الْآخِرِ، وَاسْتَبَاحَ أَهْلَهَا وَمَا فِيهَا وَعَادَ إِلَى مِصْرَ.
ذِكْرُ مَا اعْتَمَدَهُ صَلَاحُ الدِّينِ بِمِصْرَ هَذِهِ السَّنَةَ
كَانَ بِمِصْرَ دَارٌ لِلشِّحْنَةِ تُسَمَّى دَارُ الْمَعُونَةِ يَحْبِسُ فِيهَا مَنْ يُرِيدُ حَبْسَهُ، فَهَدَمَهَا صَلَاحُ الدِّينِ، وَبَنَاهَا مَدْرَسَةً لِلشَّافِعِيَّةِ، وَأَزَالَ مَا كَانَ فِيهَا مِنَ الظُّلْمِ، وَبَنَى دَارَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute