للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِي فِي الْقُدُودِ وَفِي لَثْمِ الْخُدُودِ ... وَفِي ضَمِّ النُّهُودِ لُبَانَاتٌ وَأَوْطَارُ

هَذَا اخْتِيَارِي فَوَافِقْ إِنْ رَضِيتَ بِهِ ... أَوْ لَا فَدَعْنِي وَمَا أَهْوَى وَأَخْتَارُ

وَلَهُ دِيوَانُ شِعْرٍ مَشْهُورٌ فِي غَايَةِ الْحُسْنِ وَالرِّقَّةِ وَالْمَلَاحَةِ.

ذِكْرُ وَفَاةِ نُورِ الدِّينِ مَحْمُودِ بْنِ زَنْكِي - رَحِمَهُ اللَّهُ -

فِي هَذِهِ السَّنَةِ تُوُفِّيَ نُورُ الدِّينِ مَحْمُودُ بْنُ زَنْكِي بْنِ آقْسُنْقُرَ، صَاحِبُ الشَّامِ وَدِيَارِ الْجَزِيرَةِ وَمِصْرَ، يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ حَادِيَ عَشَرَ شَوَّالٍ، بِعِلَّةِ الْخَوَانِيقِ، وَدُفِنَ بِقَلْعَةِ دِمَشْقَ، وَنُقِلَ مِنْهَا إِلَى الْمَدْرَسَةِ الَّتِي أَنْشَأَهَا بِدِمَشْقَ، عِنْدَ سُوقِ الْخَوَّاصِينَ.

وَمِنْ عَجِيبِ الِاتِّفَاقِ أَنَّهُ رَكِبَ ثَانِيَ شَوَّالٍ وَإِلَى جَانِبِهِ بَعْضُ الْأُمَرَاءِ الْأَخْيَارِ، فَقَالَ لَهُ الْأَمِيرُ: سُبْحَانَ مَنْ يَعْلَمُ هَلْ نَجْتَمِعُ هُنَا فِي الْعَامِ الْمُقْبِلِ أَمْ لَا؟ فَقَالَ نُورُ الدِّينِ: لَا تَقُلْ هَكَذَا، بَلْ سُبْحَانَ مَنْ يَعْلَمُ هَلْ نَجْتَمِعُ بَعْدَ شَهْرٍ أَمْ لَا؟ فَمَاتَ نُورُ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بَعْدَ أَحَدَ عَشَرَ يَوْمًا، وَمَاتَ الْأَمِيرُ قَبْلَ الْحَوْلِ، فَأُخِذَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِمَا قَالَهُ.

وَكَانَ قَدْ شَرَعَ يَتَجَهَّزُ لِلدُّخُولِ إِلَى مِصْرَ لِأَخْذِهَا مِنْ صَلَاحِ الدِّينِ يُوسُفَ بْنِ أَيُّوبَ، فَإِنَّهُ رَأَى فُتُورًا فِي غَزْوِ الْفِرِنْجِ مِنْ نَاحِيَتِهِ، وَكَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ إِنَّمَا يَمْنَعُ صَلَاحَ الدِّينِ مِنَ الْغَزْوِ الْخَوْفُ مِنْهُ وَمِنَ الِاجْتِمَاعِ بِهِ، فَإِنَّهُ يُؤْثِرُ كَوْنَ الْفِرِنْجِ فِي الطَّرِيقِ لِيَمْتَنِعَ بِهِمْ عَلَى نُورِ الدِّينِ، فَأَرْسَلَ إِلَى الْمَوْصِلِ وَدِيَارِ الْجَزِيرَةِ وَدِيَارِ بَكْرٍ يَطْلُبُ الْعَسَاكِرَ لِلْغَزَاةِ، وَكَانَ عَزْمُهُ أَنْ يَتْرُكَهَا مَعَ ابْنِ أَخِيهِ سَيْفِ الدِّينِ غَازِي، صَاحِبِ الْمَوْصِلِ بِالشَّامِ، وَيَسِيرُ هُوَ بِعَسَاكِرِهِ إِلَى مِصْرَ، فَبَيْنَمَا هُوَ يَتَجَهَّزُ لِذَلِكَ أَتَاهُ أَمْرُ اللَّهِ الَّذِي لَا مَرَدَّ لَهُ.

حَكَى لِي طَبِيبٌ يُعْرَفُ بِالطَّبِيبِ الرَّحَبِيِّ وَهُوَ كَانَ يَخْدُمُ نُورَ الدِّينِ، وَهُوَ مَنْ حُذَّاقِ الْأَطِبَّاءِ، قَالَ: اسْتَدْعَانِي نُورُ الدِّينِ فِي مَرَضِهِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ مَعَ غَيْرِي مِنَ

<<  <  ج: ص:  >  >>