فَأَمَّنَهُمْ صَلَاحُ الدِّينِ، وَسَلَّمَ الْقَلْعَةَ رَابِعَ شَهْرِ رَمَضَانَ مِنَ السَّنَةِ الْمَذْكُورَةِ.
ذِكْرُ حَصْرِ سَيْفِ الدِّينِ أَخَاهُ عِمَادَ الدِّينِ بِسِنْجَارَ
لَمَّا مَلَكَ صَلَاحُ الدِّينِ دِمَشْقَ وَحِمْصَ وَحَمَاةَ كَتَبَ الْمَلِكُ الصَّالِحُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ نُورِ الدِّينِ إِلَى ابْنِ عَمِّهِ سَيْفِ الدِّينِ غَازِي بْنِ قُطْبِ الدِّينِ مَوْدُودِ، يَسْتَنْجِدُهُ عَلَى صَلَاحِ الدِّينِ، وَيَطْلُبَ أَنْ يَعْبُرَ إِلَيْهِ لِيَقْصِدُوا صَلَاحَ الدِّينِ وَيَأْخُذُوا الْبِلَادَ مِنْهُ، فَجَمَعَ سَيْفُ الدِّينِ عَسَاكِرَهُ، وَكَاتِبَ أَخَاهُ عِمَادَ الدِّينِ زَنْكِي، صَاحِبَ سِنْجَارَ، يَأْمُرُهُ أَنْ يَنْزِلَ إِلَيْهِ بِعَسَاكِرِهِ لِيَجْتَمِعَا عَلَى الْمَسِيرِ إِلَى الشَّامِ، فَامْتَنَعَ مِنْ ذَلِكَ.
وَكَانَ صَلَاحُ الدِّينِ قَدْ كَاتَبَ عِمَادَ الدِّينِ وَأَطْمَعَهُ فِي الْمُلْكِ لِأَنَّهُ هُوَ الْكَبِيرُ، فَحَمَلَهُ الطَّمَعُ عَلَى الِامْتِنَاعِ عَلَى أَخِيهِ، فَلَمَّا رَأَى سَيْفُ الدِّينِ امْتِنَاعَهُ جَهَّزَ أَخَاهُ عِزَّ الدِّينِ مَسْعُودًا فِي عَسْكَرٍ كَثِيرٍ، هُوَ مُعْظَمُ عَسْكَرِهِ، وَسَيَّرَهُ إِلَى الشَّامِ، وَجَعَلَ الْمُقَدَّمَ عَلَى الْعَسْكَرِ مَعَ أَخِيهِ عِزِّ الدِّينِ مَحْمُودٍ، وَيُلَقَّبُ أَيْضًا زَلْفِنْدَارَ، وَجَعَلَهُ الْمُدَبِّرَ لِلْأَمْرِ، وَسَارَ سَيْفُ الدِّينِ إِلَى سِنْجَارَ فَحَصَرَهَا فِي شَهْرِ رَمَضَانَ وَقَاتَلَهَا، وَجَدَّ فِي الْقِتَالِ، وَامْتَنَعَ عِمَادُ الدِّينِ بِهَا، وَأَحْسَنَ حِفْظَهَا وَالذَّبَّ عَنْهَا، فَدَامَ الْحِصَارُ عَلَيْهَا، فَبَيْنَمَا هُوَ يُحَاصِرُهَا أَتَاهُ الْخَبَرُ بِانْهِزَامِ عَسْكَرِهِ الَّذِي مَعَ أَخِيهِ عِزِّ الدِّينِ مَسْعُودٍ مِنْ صَلَاحِ الدِّينِ، فَرَاسَلَ حِينَئِذٍ أَخَاهُ عِمَادَ الدِّينِ، وَصَالَحَهُ عَلَى مَا بِيَدِهِ، وَرَحَلَ إِلَى الْمَوْصِلِ، وَثَبَتَ قَدَمُ صَلَاحُ الدِّينِ بَعْدَ هَذِهِ الْهَزِيمَةِ، وَخَافَهُ النَّاسُ، وَتَرَدَّدَتِ الرُّسُلُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَيْفِ الدِّينِ (غَازِي فِي الصُّلْحِ) ، فَلَمْ يَسْتَقِرَّ حَالٌ.
ذِكْرُ انْهِزَامِ عَسْكَرِ سَيْفِ الدِّينِ مِنْ صَلَاحِ الدِّينِ وَحَصْرِهِ مَدِينَةَ حَلَبَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ سَارَ عَسْكَرُ سَيْفِ الدِّينِ مَعَ أَخِيهِ عِزِّ الدِّينِ وَعِزِّ الدِّينِ زَلْفِنْدَارَ إِلَى حَلَبَ، وَاجْتَمَعَ مَعَهُمَا عَسَاكِرُ حَلَبَ، وَسَارُوا كُلُّهُمْ إِلَى صَلَاحِ الدِّينِ لِيُحَارِبُوهُ، فَأَرْسَلَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute