ذِكْرُ مُلْكِ صَلَاحِ الدِّينِ قَلْعَةَ بِعَرِينَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ، فِي الْعَشْرِ الْأُوَلِ مِنْ شَوَّالٍ، مَلَكَ صَلَاحُ الدِّينِ قَلْعَةَ بِعَرِينَ مِنَ الشَّامِ، وَكَانَ [صَاحِبُهَا] فَخْرَ الدِّينِ مَسْعُودَ بْنَ الزَّعْفَرَانِيِّ، وَهُوَ مِنْ أَكَابِرِ الْأُمَرَاءِ النُّورِيَّةِ، فَلَمَّا رَأَى قُوَّةَ صَلَاحِ الدِّينِ نَزَلَ مِنْهَا، وَاتَّصَلَ بِصَلَاحِ الدِّينِ، وَظَنَّ أَنَّهُ يُكْرِمُهُ وَيُشَارِكُهُ فِي مُلْكِهِ، وَلَا يَنْفَرِدُ عَنْهُ بِأَمْرٍ مِثْلُ مَا كَانَ مَعَ نُورِ الدِّينِ، فَلَمْ يَرَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا، فَفَارَقَهُ، وَلَمْ يَكُنْ بَقِيَ لَهُ مِنْ إِقْطَاعِهِ الَّذِي كَانَ لَهُ فِي الْأَيَّامِ النُّورِيَّةِ غَيْرُ بِعَرِينَ وَنَائِبِهِ بِهَا، فَلَمَّا صَالَحَ صَلَاحُ الدِّينِ الْمَلِكَ الصَّالِحَ بِحَلَبَ، عَادَ إِلَى حَمَاةَ وَسَارَ مِنْهَا إِلَى بِعَرِينَ، وَهِيَ قَرِيبَةٌ مِنْهَا، فَحَصَرَهَا وَنَصَبَ عَلَيْهَا الْمَجَانِيقَ، وَأَدَامَ قِتَالَهَا، فَسَلَّمَهَا وَالِيهَا بِالْأَمَانِ، فَلَمَّا مَلَكَهَا عَادَ إِلَى حَمَاةَ، فَأَقْطَعَهَا خَالَهُ شِهَابَ الدِّينِ مَحْمُودَ بْنَ تَكِشَ الْحَارِمِيَّ، وَأَقْطَعَ حِمْصَ نَاصِرَ الدِّينِ مُحَمَّدَ ابْنَ عَمِّهِ شِيرْكُوهْ، وَسَارَ مِنْهَا إِلَى دِمَشْقَ فَدَخَلَهَا أَوَاخِرَ شَوَّالٍ مِنَ السَّنَةِ.
ذِكْرُ مُلْكِ الْبَهْلَوَانِ مَدِينَةَ تَبْرِيزَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ مَلَكَ الْبَهْلَوَانُ بْنُ إِيلْدِكْزَ مَدِينَةَ تَبْرِيزَ، وَهِيَ مِنْ جُمْلَةِ بِلَادِ آقْسُنْقُرَ الْأَحْمَدِيلِيِّ، وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ الْبَهْلَوَانَ سَارَ إِلَى مَرَاغَةَ وَحَصَرَهَا، وَكَانَ ابْنُ آقْسُنْقُرَ الْأَحْمَدِيلِيُّ صَاحِبُهَا قَدْ مَاتَ، وَوَصَّى بِالْمُلْكِ لِابْنِهِ فَلَكِ الدِّينِ، فَقَصَدَهُ الْبَهْلَوَانُ، وَنَزَلَ عَلَى قَلْعَةِ رُويِينَ دُزْ وَحَصَرَهَا فَامْتَنَعَتْ عَلَيْهِ، فَتَرَكَهَا، وَحَصَرَ مَرَاغَةَ، وَسَيَّرَ أَخَاهُ قُزْلَ أَرْسَلَانَ فِي جَيْشٍ إِلَى مَدِينَةِ تَبْرِيزَ فَحَصَرَهَا أَيْضًا.
وَكَانَ الْبَهْلَوَانُ يُقَاتِلُ أَهْلَ مَرَاغَةَ، فَظَفِرُوا بِطَائِفَةٍ مِنْ عَسْكَرِهِ، فَخَلَعَ عَلَيْهِمْ صَدْرُ الدِّينِ قَاضِي مَرَاغَةَ، وَأَطْلَقَهُمْ، فَحَسُنَ ذَلِكَ عِنْدَ الْبَهْلَوَانِ، وَشَرَعَ الْقَاضِي فِي الصُّلْحِ عَلَى أَنْ يُسَلِّمُوا تَبْرِيزَ إِلَى الْبَهْلَوَانِ، فَأُجِيبَ إِلَى ذَلِكَ، وَاسْتَقَرَّتِ الْقَاعِدَةُ عَلَيْهِ، وَحَلِفَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute