ابْنُ أَخِيهِ تَقِيُّ الدِّينِ عُمَرُ بْنُ شَاهِنْشَاهْ بْنِ أَيُّوبَ، وَبَيْنَ عَسْكَرِ الْمَلِكِ قَلَجِ أَرْسَلَانَ بْنِ مَسْعُودِ بْنِ قَلَجِ أَرْسَلَانَ، صَاحِبِ بِلَادِ قُونِيَةَ، وَأَقْصَرَا.
وَسَبَبُهَا أَنَّ نُورَ الدِّينِ مَحْمُودَ بْنَ زَنْكِي بْنِ آقْسُنْقُرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - كَانَ قَدْ أَخَذَ قَدِيمًا مِنْ قَلَجِ أَرَسْلَانَ حِصْنَ رَعْبَانَ، وَكَانَ بِيَدِ شَمْسِ الدِّينِ بْنِ الْمُقَدَّمِ إِلَى الْآنَ، فَطَمِعَ فِيهِ قَلَجُ أَرْسَلَانَ بِسَبَبِ أَنَّ الْمَلِكَ الصَّالِحَ بِحَلَبَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ صَلَاحِ الدِّينِ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ مَنْ يَحْصُرُهُ، فَاجْتَمَعَ عَلَيْهِ جَمْعٌ كَثِيرٌ، يُقَالُ: كَانُوا عِشْرِينَ أَلْفًا، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ صَلَاحُ الدِّينِ تَقِيَّ الدِّينِ فِي أَلْفِ فَارِسٍ، فَوَاقَعَهُمْ وَقَاتَلَهُمْ وَهَزَمَهُمْ، وَأَصْلَحَ حَالَ تِلْكَ الْوِلَايَةِ، وَعَادَ إِلَى صَلَاحِ الدِّينِ، وَلَمْ يَحْضُرْ مَعَهُ تَخْرِيبُ حِصْنِ الْأَحْزَانِ، فَكَانَ يَفْتَخِرُ وَيَقُولُ: هَزَمْتُ بِأَلْفِ مُقَاتِلٍ عِشْرِينَ أَلْفًا.
ذِكْرُ وَفَاةِ الْمُسْتَضِيءِ بِأَمْرِ اللَّهِ وَخِلَافَةِ النَّاصِرِ لِدِينِ اللَّهِ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ، فِي ثَانِي ذِي الْقِعْدَةِ، تُوُفِّيَ الْإِمَامُ الْمُسْتَضِيءُ بِأَمْرِ اللَّهِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ يُوسُفَ الْمُسْتَنْجِدِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَأَمُّهُ أُمُّ وَلَدٍ أَرْمِنِيَّةٌ تُدْعَى غَضَّةَ، وَكَانَتْ خِلَافَتُهُ نَحْوَ تِسْعِ سِنِينَ وَسَبْعَةِ أَشْهُرٍ، وَكَانَ مَوْلِدُهُ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، وَكَانَ عَادِلًا حَسَنَ السِّيرَةِ فِي الرَّعِيَّةِ، كَثِيرَ الْبَذْلِ لِلْأَمْوَالِ، غَيْرَ مُبَالَغٍ فِي أَخْذِ مَا جَرَتِ الْعَادَةُ بِأَخْذِهِ، وَكَانَ النَّاسُ مَعَهُ فِي أَمْنٍ عَامٍّ وَإِحْسَانٍ شَامِلٍ، وَطُمَأْنِينَةٍ وَسُكُونٍ، لَمْ يَرَوْا مِثْلَهُ، وَكَانَ حَلِيمًا، قَلِيلَ الْمُعَاقَبَةِ عَلَى الذُّنُوبِ، مُحِبًّا لِلْعَفْوِ وَالصَّفْحِ عَنِ الْمُذْنِبِينَ، فَعَاشَ حَمِيدًا وَمَاتَ سَعِيدًا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَلَقَدْ كَانَتْ أَيَّامُهُ كَمَا قِيلَ:
كَأَنَّ أَيَّامَهُ مِنْ حُسْنِ سِيرَتِهِ ... مَوَاسِمُ الْحَجِّ وَالْأَعْيَادُ وَالْجُمَعُ
وَوَزِرَ لَهُ عَضُدُ الدِّينِ أَبُو الْفَرَجِ بْنِ رَئِيسِ الرُّؤَسَاءِ إِلَى أَنْ قُتِلَ فِي ذِي الْقِعْدَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute