للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحْمَدَ بْنِ صَاحِبِ الْغَرَّافِ وَزَلْفِنْدَارَ، عُقُوبَةً لَهُمَا، ثُمَّ أَخْرَجَ مُجَاهِدَ الدِّينِ، عَلَى مَا نَذْكُرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.

ذِكْرُ غَزْوِ بَيْسَانَ

لَمَّا فَرَغَ صَلَاحُ الدِّينِ مِنْ أَمْرِ حَلَبَ جَعَلَ فِيهَا وَلَدَهُ الْمَلِكَ الظَّاهِرَ غَازِيَ، وَهُوَ صَبِيٌّ، وَجَعَلَ مَعَهُ الْأَمِيرَ سَيْفَ الدِّينِ يَازِكَجَ، وَكَانَ أَكْبَرَ الْأُمَرَاءِ الْأَسَدِيَّةِ، وَسَارَ إِلَى دِمَشْقَ، وَتَجَهَّزَ لِلْغَزْوِ، وَمَعَهُ عَسَاكِرُ الشَّامِ وَالْجَزِيرَةِ، وَدِيَارُ بَكْرٍ، وَسَارَ إِلَى بَلَدِ الْفِرِنْجِ، فَعَبَرَ نَهْرَ الْأُرْدُنِّ تَاسِعَ جُمَادَى الْآخِرَةِ مِنَ السَّنَةِ، فَرَأَى أَهْلَ تِلْكَ النَّوَاحِي قَدْ فَارَقُوهَا خَوْفًا، فَقَصَدَ بَيْسَانَ فَأَحْرَقَهَا وَخَرَّبَهَا، وَأَغَارَ عَلَى مَا هُنَاكَ، فَاجْتَمَعَ الْفِرِنْجُ، وَجَاءُوا إِلَى قُبَالَتِهِ، فَحِينَ رَأَوْا كَثْرَةَ عَسَاكِرِهِ لَمْ يَقْدَمُوا عَلَيْهِ، فَأَقَامَ عَلَيْهِمْ، وَقَدِ اسْتَنَدُوا إِلَى جَبَلٍ هُنَاكَ، وَخَنْدَقُوا عَلَيْهِمْ، فَأَحَاطَ بِهِمْ، وَعَسَاكِرُ الْإِسْلَامِ تَرْمِيهِمْ بِالسِّهَامِ، وَتُنَاوِشُهُمُ الْقِتَالَ، فَلَمْ يَخْرُجُوا وَأَقَامُوا كَذَلِكَ خَمْسَةَ أَيَّامٍ، وَعَادَ الْمُسْلِمُونَ عَنْهُمْ سَابِعَ عَشَرَ الشَّهْرِ، لَعَلَّ الْفِرِنْجَ يَطْمَعُونَ وَيَخْرُجُونَ، فَيَسْتَدْرِجُونَهُمْ لِيَبْلُغُوا مِنْهُمْ غَرَضًا، فَلَمَّا رَأَى الْفِرِنْجُ ذَلِكَ لَمْ يُطْمِعُوا أَنْفُسَهُمْ فِي غَيْرِ السَّلَامَةِ.

وَأَغَارَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى تِلْكَ الْأَعْمَالِ يَمِينًا وَشِمَالًا، وَوَصَلُوا فِيهَا إِلَى مَا لَمْ يَكُونُوا يَطْمَعُونَ فِي الْوُصُولِ إِلَيْهِ وَالْإِقْدَامِ عَلَيْهِ، فَلَمَّا كَثُرَتِ الْغَنَائِمُ مَعَهُمْ رَأَوُا الْعَوْدَ إِلَى بِلَادِهِمْ بِمَا غَنِمُوا مَعَ الظَّفَرِ أَوْلَى، فَعَادُوا إِلَى بِلَادِهِمْ عَلَى عَزْمِ الْغَزْوِ.

ذِكْرُ غَزْوِ الْكَرَكِ وَمُلْكِ الْعَادِلِ حَلَبَ

لَمَّا عَادَ صَلَاحُ الدِّينِ وَالْمُسْلِمُونَ مِنْ غَزْوَةِ بَيْسَانَ تَجَهَّزُوا لِغَزْوِ الْكَرَكِ، فَسَارَ إِلَيْهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>