للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَانَ بَيْنَ قَتْلِهِ وَمَوْتِ صَلَاحِ الدِّينِ شَهْرَانِ، فَإِنَّهُ أَسْرَفَ فِي إِظْهَارِ الشَّمَاتَةِ بِمَوْتِ صَلَاحِ الدِّينِ، فَلَمْ يُمْهِلْهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَلَمَّا بَلَغَهُ مَوْتُ صَلَاحِ الدِّينِ فَرِحَ فَرَحًا كَثِيرًا، وَعَمِلَ تَخْتًا جَلَسَ عَلَيْهِ، وَلَقَّبَ نَفْسَهُ بِالسُّلْطَانِ الْمُعَظَّمِ صَلَاحِ الدِّينِ، وَكَانَ لَقَبُهُ سَيْفَ الدِّينِ، فَغَيَّرَهُ، وَسَمَّى نَفْسَهُ عَبْدَ الْعَزِيزِ، وَظَهَرَ مِنْهُ اخْتِلَالٌ وَتَخْلِيطٌ، وَتَجَهَّزَ لِيَقْصِدَ مَيَّافَارِقِينَ يَحْصُرُهَا، فَأَدْرَكَتْهُ مَنِيَّتُهُ.

وَكَانَ سَبَبُ قَتْلِهِ أَنَّ هَزَارَ دِينَارِي، وَهُوَ أَيْضًا مِنْ مَمَالِيكِ شَاهْ أَرْمَنْ ظَهِيرِ الدِّينِ، كَانَ قَدْ قَوِيَ وَكَثُرَ جَمْعُهُ، وَتَزَوَّجَ ابْنَةَ بُكْتُمُرْ، فَطَمِعَ فِي الْمُلْكِ، فَوَضَعَ عَلَيْهِ مَنْ قَتَلَهُ، فَلَمَّا قُتِلَ مَلَكَ بَعْدَهُ هَزَارُ دِينَارِي بِلَادَ خِلَاطَ وَأَعْمَالَهَا.

وَكَانَ بُكْتُمُرْ دَيِّنًا، خَيِّرًا، صَالِحًا، كَثِيرَ الْخَيْرِ، وَالصَّلَاحِ، وَالصَّدَقَةِ، مُحِبًّا لِأَهْلِ الدِّينِ، وَالصُّوفِيَّةِ، كَثِيرَ الْإِحْسَانِ إِلَيْهِمْ، قَرِيبًا مِنْهُمْ، وَمِنْ سَائِرِ رَعِيَّتِهِ، مَحْبُوبًا إِلَيْهِمْ، عَادِلًا فِيهِمْ، وَكَانَ جَوَادًا شُجَاعًا عَادِلًا فِي رَعِيَّتِهِ، حَسَنَ السِّيرَةِ فِيهِمْ.

ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ

فِي هَذِهِ السَّنَةِ شَتَّى شِهَابُ الدِّينِ مَلِكُ غَزْنَةَ فِي بَرْشَاوُورَ، وَجَهَّزَ مَمْلُوكَهُ أَيْبَكَ فِي عَسَاكِرَ كَثِيرَةٍ، فَأَدْخَلَهُ بِلَادَ الْهِنْدِ يَغْنَمُ وَيَسْبِي، وَيَفْتَحُ مِنَ الْبِلَادِ مَا يُمْكِنُهُ، فَدَخَلَهَا وَعَادَ فَخَرَجَ هُوَ وَعَسَاكِرُهُ سَالِمًا، وَقَدْ مَلَأُوا أَيْدِيَهُمْ مِنَ الْغَنَائِمِ.

وَفِيهَا، فِي رَمَضَانَ، تُوُفِّيَ سُلْطَانُ شَاهْ صَاحِبُ مَرْوَ وَغَيْرِهَا مِنْ خُرَاسَانَ، وَمَلَكَ أَخُوهُ عَلَاءُ الدِّينِ تَكْشُ بِلَادَهُ، وَسَنَذْكُرُهُ سَنَةَ تِسْعِينَ [وَخَمْسِمِائَةٍ] إِنْ شَاءَ اللَّهُ.

وَفِيهَا أَمَرَ الْخَلِيفَةُ النَّاصِرُ لِدِينِ اللَّهِ بِعِمَارَةِ خِزَانَةِ الْكُتُبِ بِالْمَدْرَسَةِ النِّظَامِيَّةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>