فَأَرْسَلَ رَسُولًا إِلَى عَمِّهِ فِي الصُّلْحِ وَتَسْلِيمِ الْبِلَادِ إِلَيْهِ، وَأَخْذِ الْعِوَضِ عَنْهَا، وَطَلَبِ دِمَشْقَ، فَلَمْ يُجِبْهُ الْعَادِلُ، فَنَزَلَ عَنْهَا [إِلَى] حَرَّانَ وَالرُّهَا فَلَمْ يُجِبْهُ، فَنَزَلَ إِلَى مَيَّافَارِقِينَ وَحَانِي وَجَبَلِ جُورٍ، فَأَجَابَهُ إِلَى ذَلِكَ، وَتَحَالَفُوا عَلَيْهِ، وَخَرَجَ الْأَفْضَلُ مِنْ مِصْرَ لَيْلَةَ السَّبْتِ ثَامِنَ عَشَرَ رَبِيعٍ الْآخِرِ، وَاجْتَمَعَ بِالْعَادِلِ، وَسَارَ إِلَى صَرْخَدَ، وَدَخَلَ الْعَادِلُ إِلَى الْقَاهِرَةِ يَوْمَ السَّبْتِ ثَامِنَ عَشَرَ رَبِيعٍ الْآخِرِ.
وَلَمَّا وَصَلَ الْأَفْضَلُ إِلَى صَرْخَدَ أَرْسَلَ مَنْ تَسَلَّمَ مَيَّافَارِقِينَ وَحَانِيَ وَجَبَلَ جُورٍ، فَامْتَنَعَ نَجْمُ الدِّينِ أَيُّوبُ ابْنُ الْمَلِكِ الْعَادِلِ مِنْ تَسْلِيمِ مَيَّافَارِقِينَ وَسَلَّمَ مَا عَدَاهَا، فَتَرَدَّدَتِ الرُّسُلُ بَيْنَ الْأَفْضَلِ وَالْعَادِلِ فِي ذَلِكَ، وَالْعَادِلُ يَزْعُمُ أَنَّ ابْنَهُ عَصَاهُ، فَأَمْسَكَ عَنِ الْمُرَاسَلَةِ فِي ذَلِكَ لِعِلْمِهِ أَنَّ هَذَا فُعِلَ بِأَمْرِ الْعَادِلِ.
وَلَمَّا ثَبَتَتْ قَدَمُ الْعَادِلِ بِمِصْرَ قَطَعَ خُطْبَةَ الْمَلِكِ الْمَنْصُورِ ابْنِ الْمَلِكِ الْعَزِيزِ فِي شَوَّالٍ مِنَ السَّنَةِ، وَخَطَبَ لِنَفْسِهِ، وَحَاقَقَ الْجُنْدَ فِي إِقْطَاعَاتِهِمْ، وَاعْتَرَضَهُمْ فِي أَصْحَابِهِمْ وَمَنْ عَلَيْهِمْ مِنَ الْعَسْكَرِ الْمُقَرَّرِ، فَتَغَيَّرَتْ لِذَلِكَ نِيَّاتُهُمْ، فَكَانَ مَا نَذْكُرُهُ سَنَةَ سَبْعٍ وَتِسْعِينَ [وَخَمْسِمِائَةٍ]- إِنْ شَاءَ اللَّهُ -.
ذِكْرُ وَفَاةِ خُوَارِزْمَ شَاهْ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ، فِي الْعِشْرِينَ مِنْ رَمَضَانَ، تُوُفِّيَ خُوَارِزْمُ شَاهْ تُكُشُ بْنُ أَلْب أَرْسِلَانَ، صَاحِبُ خُوَارِزْمَ وَبَعْضِ خُرَاسَانَ وَالرَّيِّ وَغَيْرِهَا مِنَ الْبِلَادِ الْجِبَالِيَّةِ، بِشَهْرِسْتَانَةَ بَيْنَ نَيْسَابُورَ وَخُوَارِزْمَ. وَكَانَ قَدْ سَارَ مِنْ خُوَارِزْمَ إِلَى خُرَاسَانَ، وَكَانَ بِهِ خَوَانِيقُ، فَأَشَارَ عَلَيْهِ الْأَطِبَّاءُ بِتَرْكِ الْحَرَكَةِ، فَامْتَنَعَ، وَسَارَ، فَلَمَّا قَارَبَ شَهْرِسْتَانَةَ اشْتَدَّ مَرَضُهُ وَمَاتَ، وَلَمَّا اشْتَدَّ مَرَضُهُ أَرْسَلُوا إِلَى ابْنِهِ قُطْبِ الدِّينِ مُحَمَّدٍ يَسْتَدْعُونَهُ، وَيُعَرِّفُونَهُ شِدَّةَ مَرَضِ أَبِيهِ، فَسَارَ إِلَيْهِمْ وَقَدْ مَاتَ أَبُوهُ، فَوَلِيَ الْمُلْكَ بَعْدَهُ، وَلُقِّبَ عَلَاءَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute