ثُمَّ إِنَّ أَلْب غَازِي - وَهُوَ ابْنُ أُخْتِ غِيَاثِ الدِّينِ - جَاءَ فِي عَسْكَرٍ مِنَ الْغُورِيَّةِ، فَنَزَلَ عَلَى خَمْسَةِ فَرَاسِخَ مِنْ هَرَاةَ فَكَانَ يَمْنَعُ الْمِيرَةَ عَنْ عَسْكَرِ خُوَارِزْمَ شَاهْ، ثُمَّ إِنَّ خُوَارِزْمَ شَاهْ سَيَّرَ عَسْكَرًا إِلَى أَعْمَالِ الطَّالْقَانِ لِلْغَارَةِ عَلَيْهَا، فَلَقِيَهُمُ الْحُسَيْنُ بْنُ خَرْمِيلَ فَقَاتَلَهُمْ، فَظَفِرَ بِهِمْ فَلَمْ يُفْلِتْ مِنْهُمْ أَحَدٌ.
وَسَارَ غِيَاثُ الدِّينِ عَنْ فَيْرُوزَكُوه إِلَى هَرَاةَ فِي عَسْكَرِهِ، فَنَزَلَ بِرِبَاطٍ رَزِينٍ وَبِالْقُرْبِ مِنْ هَرَاةَ، وَلَمْ يُقْدِمْ عَلَى خُوَارِزْمَ شَاهْ لِقِلَّةِ عَسْكَرِهِ لِأَنَّ أَكْثَرَ عَسَاكِرِهِ كَانَتْ مَعَ أَخِيهِ بِالْهِنْدِ وَغَزْنَةَ، فَأَقَامَ خُوَارِزْمُ شَاهْ عَلَى هَرَاةَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، وَعَزَمَ عَلَى الرَّحِيلِ لِأَنَّهُ بَلَغَهُ انْهِزَامُ أَصْحَابِهِ بِالطَّالْقَانِ وَقُرْبُ غِيَاثِ الدِّينِ، وَكَذَلِكَ أَيْضًا قُرْبُ أَلْب غَازِي، وَسَمِعَ أَيْضًا أَنَّ شِهَابَ الدِّينِ قَدْ خَرَجَ مِنَ الْهِنْدِ إِلَى غَزْنَةَ، وَكَانَ وُصُولُهُ إِلَيْهَا فِي رَجَبٍ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، فَخَافَ أَنْ يَصِلَ بِعَسَاكِرِهِ فَلَا يُمْكِنُهُ الْمُقَامُ عَلَى الْبَلَدِ، فَأَرْسَلَ إِلَى أَمِيرِ هَرَاةَ عُمَرَ الْمَرْغَنِيِّ فِي الصُّلْحِ فَصَالَحَهُ عَلَى مَالٍ حَمَلَهُ إِلَيْهِ وَارْتَحَلَ عَنِ الْبَلَدِ.
وَأَمَّا شِهَابُ الدِّينِ، فَإِنَّهُ لَمَّا وَصَلَ إِلَى غَزْنَةَ بَلَغَهُ الْخَبَرُ بِمَا فَعَلَهُ خُوَارِزْمُ شَاهْ بِخُرَاسَانَ، وَمُلْكُهُ لَهَا، فَسَارَ إِلَى خُرَاسَانَ، فَوَصَلَ إِلَى بَلْخَ وَمِنْهَا إِلَى بَامِيَانَ ثُمَّ إِلَى مَرْوَ، عَازِمًا عَلَى حَرْبِ خُوَارِزْمَ شَاهْ، وَكَانَ نَازِلًا هُنَاكَ، فَالْتَقَتْ أَوَائِلُ عَسْكَرَيْهِمَا، وَاقْتَتَلُوا، فَقُتِلَ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ خَلْقٌ كَثِيرٌ، ثُمَّ إِنَّ خُوَارِزْمَ شَاهِ ارْتَحَلَ عَنْ مَكَانِهِ شِبْهَ الْمُنْهَزِمِ، وَقَطَعَ الْقَنَاطِرَ، وَقَتَلَ الْأَمِيرَ سَنْجَرَ صَاحِبَ نَيْسَابُورَ ; لِأَنَّهُ اتَّهَمَهُ بِالْمُخَامَرَةِ عَلَيْهِ، وَتَوَجَّهَ شِهَابُ الدِّينِ إِلَى طُوسَ فَأَقَامَ بِهَا تِلْكَ الشَّتْوَةِ عَلَى عَزْمِ الْمَسِيرِ إِلَى خُوَارِزْمَ لِيَحْصُرَهَا، فَأَتَاهُ الْخَبَرُ بِوَفَاةِ أَخِيهِ غِيَاثِ الدِّينِ، فَقَصَدَ هَرَاةَ وَتَرَكَ ذَلِكَ الْعَزْمَ.
ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ دَرَّسَ مُجْدُ الدِّينِ أَبُو عَلِيٍّ يَحْيَى بْنُ الرَّبِيعِ الْفَقِيهُ الشَّافِعِيُّ، بِالنِّظَامِيَّةِ بِبَغْدَادَ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute