وَأَتَى إِلَى مُدَبِّرِ الْعَسْكَرِ وَالْقَيِّمِ بِأَمْرِهِ، وَقَصَّ عَلَيْهِ رُؤْيَاهُ، فَفَرِحَ بِذَلِكَ، وَقَوِيَ عَزْمُهُ عَلَى قَصْدِ الْكُرْجِ، وَسَارَ بِالْعَسَاكِرِ إِلَيْهِمْ فَنَزَلَ مَنْزِلًا.
فَوَصَلَتِ الْأَخْبَارُ إِلَى الْكُرْجِ، فَعَزَمُوا عَلَى كَبْسِ الْمُسْلِمِينَ، فَانْتَقَلُوا مِنْ مَوْضِعِهِمْ بِالْوَادِي إِلَى أَعْلَاهُ، فَنَزَلُوا فِيهِ لِيَكْبِسُوا الْمُسْلِمِينَ إِذَا أَظْلَمَ اللَّيْلُ، فَأَتَى الْمُسْلِمِينَ الْخَبَرُ، فَقَصَدُوا الْكُرْجَ وَأَمْسَكُوا عَلَيْهِمْ رَأْسَ الْوَادِي وَأَسْفَلَهُ، وَهُوَ وَادٍ لَيْسَ إِلَيْهِ غَيْرُ هَذَيْنِ الطَّرِيقَيْنِ، فَلَمَّا رَأَى الْكُرْجُ ذَلِكَ أَيْقَنُوا بِالْهَلَاكِ، وَسُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ، وَطَمِعَ الْمُسْلِمُونَ فِيهِمْ، وَضَايَقُوهُمْ، وَقَاتَلُوهُمْ. فَقَتَلُوا مِنْهُمْ كَثِيرًا، وَأَسَرُوا مِثْلَهُمْ، وَلَمْ يُفْلِتْ مِنَ الْكُرْجِ إِلَّا الْقَلِيلُ، وَكَفَى اللَّهُ الْمُسْلِمِينَ شَرَّهُمْ بَعْدَ أَنْ كَانُوا أَشْرَفُوا عَلَى الْهَلَاكِ.
ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ، فِي جُمَادَى الْآخِرَةِ، تُوُفِّيَ الْأَمِيرُ طَاشْتِكِينُ مُجِيرُ الدِّينِ، أَمِيرُ الْحَاجِّ. بِتُسْتَرَ وَكَانَ قَدْ وَلَّاهُ الْخَلِيفَةُ عَلَى جَمِيعِ خُوزِسْتَانَ، وَكَانَ أَمِيرَ الْحَاجِّ سِنِينَ كَثِيرَةً، وَكَانَ خَيِّرًا صَالِحًا، حَسَنَ السِّيرَةِ، كَثِيرَ الْعِبَادَةِ، يَتَشَيَّعُ.
وَلَمَّا مَاتَ وَلَّى الْخَلِيفَةُ عَلَى خُوزِسْتَانَ مَمْلُوكَهُ سَنْجَرَ، وَهُوَ صِهْرُ طَاشْتِكِينَ زَوْجُ ابْنَتِهِ.
[وَفِيهَا قُتِلَ سَنْجَرُ بْنُ مَقْلَدِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ مُهَارِشٍ، أَمِيرُ عِبَادَةَ، بِالْعِرَاقِ. وَكَانَ سَبَبُ قَتْلِهِ أَنَّهُ سَعَى بِأَبِيهِ مَقْلَدٍ إِلَى الْخَلِيفَةِ النَّاصِرِ لِدِينِ اللَّهِ، فَأَمَرَ بِالتَّوْكِيلِ عَلَى أَبِيهِ، (فَبَقِيَ مُدَّةً) ، ثُمَّ أَطْلَقَهُ الْخَلِيفَةُ، ثُمَّ إِنَّ سَنْجَرَ قَتَلَ أَخًا لَهُ اسْمُهُ. . .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute