للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَسَبَبُ طَاعَتِهِمْ لَهُ، مَعَ بُعْدِ الشُّقَّةِ، وَالْبَحْرُ يَقْطَعُ بَيْنَهُمْ، أَنَّهُمْ يَتَقَرَّبُونَ إِلَيْهِ بِالطَّاعَةِ لِيَأْمَنَ أَصْحَابُ الْمَرَاكِبِ الَّتِي تَسِيرُ إِلَيْهِمْ عِنْدَهُ، فَإِنَّ هُرْمُزَ مَرْسًى عَظِيمٌ، وَمَجْمَعٌ لِلتُّجَّارِ مِنْ أَقَاصِي الْهِنْدِ وَالصِّينِ وَالْيَمَنِ، وَغَيْرِهَا مِنِ الْبِلَادِ، وَكَانَ بَيْنَ صَاحِبِ هُرْمُزَ وَبَيْنَ صَاحِبِ كِيشَ حُرُوبٌ وَمُغَاوَرَاتٌ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا يَنْهَى أَصْحَابَ الْمَرَاكِبِ أَنْ تُرْسِيَ بِبَلَدِ خَصْمِهِ، وَهُمْ كَذَلِكَ إِلَى الْآنِ.

وَكَانَ خُوَارَزْم شَاهْ يَصِيفُ بِنَوَاحِي سَمَرْقَنْدَ ; لِأَجَلِ التَّتَرِ أَصْحَابِ كَشْلِي خَانْ، لِئَلَّا يَقْصِدَ بِلَادَهُ، وَكَانَ سَرِيعَ السَّيْرِ، إِذَا قَصَدَ جِهَةً سَبَقَ خَبَرَهُ إِلَيْهَا.

ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ

فِي هَذِهِ السَّنَةِ قُتِلَ مُؤَيَّدُ الْمُلْكِ الشَّحْرِيُّ، وَكَانَ قَدْ وَزَرَ لِشِهَابِ الدِّينِ الْغُورِيِّ، وَلِتَاجِ الدِّينِ أَلْدُزَ بَعْدَهُ وَكَانَ حَسَنَ السِّيرَةِ، جَمِيلَ الِاعْتِقَادِ، مُحْسِنًا إِلَى الْعُلَمَاءِ، وَأَهْلِ الْخَيْرِ وَغَيْرِهِمْ، يَزُورُهُمْ وَيَبَرُّهُمْ، وَيَحْضُرُ الْجُمُعَةَ مَاشِيًا وَحْدَهُ.

وَكَانَ سَبَبُ قَتْلِهِ أَنَّ بَعْضَ عَسْكَرِ أَلْدُزَ كَرِهُوهُ، وَكَانَ كُلَّ سَنَةٍ يَتَقَدَّمُ إِلَى الْبِلَادِ الْحَارَّةِ بَيْنَ يَدِي أَلْدُزِ. أَوَّلَ الشِّتَاءِ، فَسَارَ هَذِهِ السَّنَةَ كَعَادَتِهِ، فَجَاءَ أَرْبَعُونَ نَفَرًا أَتْرَاكًا وَقَالُوا لَهُ: السُّلْطَانُ يَقُولُ لَكَ تَحْضُرُ جَرِيدَةً فِي عَشَرَةِ نَفَرٍ لِمُهِمٍّ تَجَدَّدَ ; فَسَارَ مَعَهُمْ جَرِيدَةً فِي عَشَرَةِ مَمَالِيكَ، فَلَمَّا وَصَلُوا إِلَى نَهَوَنْدَ بِالْقُرْبِ مِنْ مَاءِ السِّنْدِ قَتَلُوهُ وَهَرَبُوا، ثُمَّ إِنَّهُمْ ظَفِرَ بِهِمْ خُوَارَزْم شَاهْ مُحَمَّدٌ فَقَتَلَهُمْ.

[الْوَفَيَاتُ]

وَفِيهَا فِي رَجَبٍ تُوُفِّيَ الرُّكْنُ أَبُو مَنْصُورٍ عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ عَبْدِ الْقَادِرِ الْجِيلِيُّ الْبَغْدَادِيُّ بِبَغْدَادَ، وَكَانَ قَدْ وَلِيَ عِدَّةَ وِلَايَاتٍ، وَكَانَ يُتَّهَمُ بِمَذْهَبِ

<<  <  ج: ص:  >  >>