وَفِيهَا، فِي صَفَرٍ، مَلَكَ التَّتَرُ مَرَاغَةَ وَخَرَّبُوهَا وَأَحْرَقُوهَا وَقَتَلُوا أَكْثَرَ أَهْلِهَا، وَنَهَبُوا أَمْوَالَهُمْ وَسَبَوْا حَرِيمَهُمْ.
وَسَارَ التَّتَرُ مِنْهَا إِلَى هَمَذَانَ، وَحَاصَرُوهُ، فَقَاتَلَهُمْ أَهْلُهَا وَظَفِرَ بِهَا التَّتَرُ، وَقَتَلُوا مِنْهُمْ مَا لَا يُحْصَى، وَنَهَبُوا الْبَلَدَ.
وَسَارُوا إِلَى أَذْرَبِيجَانَ، فَأَعَادُوا النَّهْبَ، وَنَهَبُوا مَا بَقِيَ مِنَ الْبِلَادِ، وَلَمْ يَنْهَبُوهُ أَوَّلًا.
وَوَصَلُوا إِلَى بَيْلَقَانَ، مِنْ بِلَادِ أَرَّانَ، فَحَصَرُوهَا وَمَلَكُوهَا وَقَتَلُوا أَهْلَهَا حَتَّى كَادُوا يُفْنُونَهُمْ، وَنَهَبُوا أَمْوَالَهُمْ، وَسَارُوا إِلَى بِلَادِ الْكَرَجِ مِنْ أَذْرَبِيجَانَ وَأَرَّانَ، وَلَقِيَهُمْ خَلْقٌ كَثِيرٌ مِنَ الْكَرَجِ، فَقَاتَلُوهُمْ فَانْهَزَمَ الْكَرَجُ، وَكَثُرَ الْقَتْلُ فِيهِمْ، وَنُهِبَ أَكْثَرُ بِلَادِهِمْ وَقُتِلَ أَهْلُهَا، وَسَارُوا مِنْ هُنَاكَ إِلَى دَرْبَنْدَ شِرَوَانَ، وَحَصَرُوا مَدِينَةَ شَمَاخِي، وَمُلُوكَهَا، وَقَتَلُوا كَثِيرًا مِنْ أَهْلِهَا.
وَسَارُوا إِلَى بَلَدِ اللَّانَ وَاللِّكْزِ وَمَنْ عِنْدِهِمْ مِنَ الْأُمَمِ، فَأَوْقَعُوا، وَرَحَلُوا عَنْ قُفْجَاقَ، وَأَجْلَوْهُمْ عَنْهَا، وَاسْتَوْلَوْا عَلَيْهَا، وَسَاحُوا فِي تِلْكَ الْأَرْضِ حَتَّى وَصَلُوا إِلَى بِلَادِ الرُّوسِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ جَمِيعِهِ مُسْتَقْصًى، وَإِنَّمَا أَوْرَدْنَاهُ هَاهُنَا جُمْلَةً لِيُعْلَمَ الَّذِي كَانَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ مِنْ حَوَادِثِهِمْ.
[الْوَفَيَاتُ]
وَفِيهَا تُوُفِّيَ صَدِيقُنَا أَمِينُ الدِّينِ يَاقُوتُ الْكَاتِبُ الْمَوْصِلِيُّ، وَلَمْ يَكُنْ فِي زَمَانِهِ مَنْ يَكْتُبُ مَا يُقَارِبُهُ، وَلَا مَنْ يُؤَدِّي طَرِيقَةَ ابْنِ الْبَوَّابِ مِثْلُهُ ; وَكَانَ ذَا فَضَائِلَ جَمَّةٍ مِنْ عِلْمِ الْأَدَبِ وَغَيْرِهِ، وَكَانَ كَثِيرَ الْخَيْرِ، نِعْمَ الرَّجُلُ، مَشْهُورًا فِي الدُّنْيَا، وَالنَّاسُ مُتَّفِقُونَ عَلَى الثَّنَاءِ الْجَمِيلِ عَلَيْهِ وَالْمَدْحِ لَهُ، وَلَهُمْ فِيهِ أَقْوَالٌ كَثِيرَةٌ نَظْمًا وَنَثْرًا، فَمِنْ ذَلِكَ مَا قَالَهُ نَجِيبُ الدِّينِ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الْوَاسِطِيُّ مِنْ قَصِيدَةٍ يَمْدَحُهُ بِهَا:
جَامِعٌ شَارِدَ الْعُلُومِ وَلَوْلَا ... هُ لَكَانَتْ أُمُّ الْفَضَائِلِ ثَكْلَى
ذُو يَرَاعٍ تَخَافُ سَطْوَتَهُ الْأُسْ ... دُ وَتَعْنُو لَهُ الْكَتَائِبُ ذُلًّا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute