للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَفْعَلُونَ مِثْلَ مَا تَقَدَّمَ، فَلَمْ يُبَالِغُوا فِي الِامْتِنَاعِ مِنْهُمْ، وَلَا هَرَبُوا مِنْ بَيْنِ أَيْدِهِمْ، فَلَمَّا مَلَكَ الْكَرَجُ الْمَدِينَةَ وَضَعُوا السَّيْفَ فِي أَهْلِهَا، وَفَعَلُوا مِنَ الْقَتْلِ وَالنَّهْبِ أَكْثَرَ مِمَّا فَعَلَ بِهِمُ التَّتَرُ.

هَذَا جَمِيعُهُ يَجْرِي، وَصَاحِبُ بِلَادِ أَذْرَبِيجَانَ أَوْزَبْكُ ابْنُ الْبَهْلَوَانِ بِمَدِينَةِ تِبْرِيزَ، وَلَا يَتَحَرَّكُ فِي صَلَاحٍ، وَلَا يَتَّجِهُ لِخَيْرٍ بَلْ قَدْ قَنِعَ بِالْأَكْلِ وَإِدْمَانِ الشُّرْبِ وَالْفَسَادِ، فَقَبَّحَهُ اللَّهُ، وَيَسَّرَ لِلْمُسْلِمِينَ مَنْ يَقُومُ بِنَصْرِهِمْ وَحَفِظَ بِلَادِهِمْ بِمُحَمَّدٍ وَآلِهِ.

ذِكْرُ مُلْكِ بَدْرِ الدِّينِ قَلْعَةَ شُوشَ

فِي هَذِهِ السَّنَةِ مَلَكَ بَدْرُ الدِّينِ، صَاحِبُ الْمَوْصِلِ، قَلْعَةَ شُوشَ مِنْ أَعْمَالِ الْحُمَيْدِيَّةِ، وَبَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَوْصِلِ اثْنَا عَشَرَ فَرْسَخًا.

وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّهَا كَانَتْ هِيَ وَقَلْعَةُ الْعَقْرَ مُتَجَاوِرَتَيْنِ لِعِمَادِ الدِّينِ زَنْكِي بْنِ أَرْسَلَان شَاهْ، وَكَانَ بَيْنَهُمَا مِنَ الْخُلْفِ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ.

فَلَمَّا كَانَ هَذِهِ السَّنَةُ سَارَ زَنْكِي إِلَى أَذْرَبِيجَانَ لِيَخْدِمَ صَاحِبَهَا أَوْزَبْكَ بْنَ الْبَهْلَوَانِ، فَاتَّصَلَ بِهِ، وَصَارَ مَعَهُ، وَأَقْطَعَهُ إِقْطَاعَاتٍ، وَأَقَامَ عِنْدَهُ، فَسَارَ بَدْرُ الدِّينِ إِلَى قَلْعَةِ شُوشَ فَحَاصَرَهَا، وَضَيَّقَ عَلَيْهَا، وَهِيَ عَلَى رَأْسِ جَبَلٍ عَالٍ، فَطَالَ مُقَامُهُ عَلَيْهَا لِحَصَانَتِهَا، فَعَادَ إِلَى الْمَوْصِلِ، وَتَرَكَ عَسْكَرَهُ مُحَاصِرًا لَهَا، فَلَمَّا طَالَ الْأَمْرُ عَلَى مَنْ بِهَا لَمْ يَرَوْا مَنْ يُرَحِّلُهُ عَنْهُمْ، وَلَا مَنْ يُنْجِدُهُمْ، سَلَّمُوهَا عَلَى قَاعِدَةٍ اسْتَقَرَّتْ بَيْنَهُمْ مِنْ أَقْطَاعٍ وَخِلَعٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ، فَتَسَلَّمَهَا نُوَّابُهُ فِي التَّارِيخِ، وَرَتَّبُوا أُمُورَهَا وَعَادُوا إِلَى الْمَوْصِلِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>