وَالْكَلْبِيُّ: أَوَّلُ مَنْ أَسْلَمَ عَلِيٌّ. قَالَ الْكَلْبِيُّ: كَانَ عُمْرُهُ تِسْعَ سِنِينَ، وَقِيلَ: إِحْدَى عَشْرَةَ سَنَةً.
وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: أَوَّلُ مَنْ أَسْلَمَ عَلِيٌّ وَعُمْرُهُ إِحْدَى عَشْرَةَ سَنَةً.
وَكَانَ مِنْ نِعْمَةِ اللَّهِ عَلَيْهِ أَنَّ قُرَيْشًا أَصَابَتْهُمْ أَزْمَةٌ شَدِيدَةٌ، وَكَانَ أَبُو طَالِبٍ ذَا عِيَالٍ كَثِيرَةٍ، فَقَالَ يَوْمًا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعَمِّهِ الْعَبَّاسِ: يَا عَمِّ إِنَّ أَبَا طَالِبٍ كَثِيرُ الْعِيَالِ فَانْطَلِقْ بِنَا نُخَفِّفْ عَنْ عِيَالِ أَبِي طَالِبٍ، فَانْطَلَقَا إِلَيْهِ وَأَعْلَمَاهُ مَا أَرَادَا، فَقَالَ أَبُو طَالِبٍ: اتْرُكَا لِي عَقِيلًا وَاصْنَعَا مَا شِئْتُمَا، فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلِيًّا، وَأَخَذَ الْعَبَّاسُ جَعْفَرًا، فَلَمْ يَزَلْ عَلِيٌّ عِنْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى أَرْسَلَهُ اللَّهُ فَاتَّبَعَهُ.
وَكَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا أَرَادَ الصَّلَاةَ انْطَلَقَ هُوَ وَعَلِيٌّ إِلَى بَعْضِ الشِّعَابِ بِمَكَّةَ فَيُصَلِّيَانِ وَيَعُودَانِ. فَعَثَرَ عَلَيْهِمَا أَبُو طَالِبٍ فَقَالَ: يَا ابْنَ أَخِي مَا هَذَا الدِّينُ؟ قَالَ: دِينُ اللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ، وَدِينُ أَبِينَا إِبْرَاهِيمَ، بَعَثَنِي اللَّهُ تَعَالَى بِهِ إِلَى الْعِبَادِ، وَأَنْتَ أَحَقُّ مَنْ دَعَوْتُهُ إِلَى الْهُدَى وَأَحَقُّ مَنْ أَجَابَنِي. قَالَ: لَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أُفَارِقَ دِينَ آبَائِي، وَلَكِنْ وَاللَّهِ لَا تَخْلُصُ قُرَيْشٌ إِلَيْكَ بِشَيْءٍ تَكْرَهُهُ مَا حَيِيتُ.
فَلَمْ يَزَلْ جَعْفَرٌ عِنْدَ الْعَبَّاسِ حَتَّى أَسْلَمَ وَاسْتَغْنَى عَنْهُ.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو طَالِبٍ لِعَلِيٍّ: مَا هَذَا الدِّينُ الَّذِي أَنْتَ عَلَيْهِ؟ قَالَ: يَا أَبَهْ! آمَنْتُ بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَصَلَّيْتُ مَعَهُ. فَقَالَ: أَمَا إِنَّهُ لَا يَدْعُونَا إِلَّا إِلَى الْخَيْرِ فَالْزَمْهُ.
وَقِيلَ: أَوَّلُ مَنْ أَسْلَمَ أَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. قَالَ الشَّعْبِيُّ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ أَوَّلِ مَنْ أَسْلَمَ، فَقَالَ: أَمَا سَمِعْتَ قَوْلَ حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ:
إِذَا تَذَكَّرْتَ شَجْوًا مِنْ أَخِي ثِقَةٍ ... فَاذْكُرْ أَخَاكَ أَبَا بَكْرٍ بِمَا فَعَلَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute