للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هَذَا الْمِسْكِينِ؟ فَقَالَ: أَنْتَ أَفْسَدْتَهُ فَأَبْعَدْتَهُ. فَقَالَ: عِنْدِي غُلَامٌ عَلَى دِينِكَ أَسْوَدُ أَجْلَدُ مِنْ هَذَا أُعْطِيكَهُ بِهِ. قَالَ: قَبِلْتُ. فَأَعْطَاهُ أَبُو بَكْرٍ غُلَامَهُ وَأَخَذَ بِلَالًا فَأَعْتَقَهُ، فَهَاجَرَ وَشَهِدَ الْمَشَاهِدَ كُلَّهَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وَمِنْهُمْ: عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ أَبُو الْيَقْظَانِ الْعَنْسِيُّ، وَهُوَ بَطْنٌ مِنْ مُرَادٍ - وَعَنْسٌ هَذَا بِالنُّونِ - أَسْلَمَ هُوَ وَأَبُوهُ وَأُمُّهُ وَأَسْلَمَ قَدِيمًا وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي دَارِ الْأَرْقَمِ بْنِ أَبِي الْأَرْقَمِ بَعْدَ بِضْعَةٍ وَثَلَاثِينَ رَجُلًا، أَسْلَمَ هُوَ وَصُهَيْبٌ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ، وَكَانَ يَاسِرٌ حَلِيفًا لِبَنِي مَخْزُومٍ، فَكَانُوا يُخْرِجُونَ عَمَّارًا وَأَبَاهُ وَأُمَّهُ إِلَى الْأَبْطَحِ إِذَا حَمِيَتِ الرَّمْضَاءُ يُعَذِّبُونَهُمْ بِحَرِّ الرَّمْضَاءِ، فَمَرَّ بِهِمُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: " «صَبْرًا آلَ يَاسِرٍ فَإِنَّ مَوْعِدَكُمُ الْجَنَّةُ» ". فَمَاتَ يَاسِرٌ فِي الْعَذَابِ، وَأَغْلَظَتِ امْرَأَتُهُ سُمَيَّةُ الْقَوْلَ لِأَبِي جَهْلٍ، فَطَعَنَهَا فِي قُبُلِهَا بِحَرْبَةٍ فِي يَدَيْهِ فَمَاتَتْ، وَهِيَ أَوَّلُ شَهِيدٍ فِي الْإِسْلَامِ، وَشَدَّدُوا الْعَذَابَ عَلَى عَمَّارٍ، بِالْحَرِّ تَارَةً، وَبِوَضْعِ الصَّخْرِ عَلَى صَدْرِهِ أُخْرَى، وَبِالتَّغْرِيقِ أُخْرَى فَقَالُوا: لَا نَتْرُكُكَ حَتَّى تَسُبَّ مُحَمَّدًا وَتَقُولَ فِي اللَّاتِ وَالْعُزَّى خَيْرًا، فَفَعَلَ، فَتَرَكُوهُ فَأَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَبْكِي. فَقَالَ: مَا وَرَاءَكَ؟ قَالَ: شَرٌّ يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَانَ الْأَمْرُ كَذَا وَكَذَا. قَالَ فَكَيْفَ تَجِدُ قَلْبَكَ؟ قَالَ: أَجِدُهُ مُطْمَئِنًّا بِالْإِيمَانِ. فَقَالَ: يَا عَمَّارُ فَعُدْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ} [النحل: ١٠٦] فَشَهِدَ الْمَشَاهِدَ كُلَّهَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>