بْنُ جَحْشٍ: إِنَّ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خُمُسَ مَا غَنِمْتُمْ، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُفْرَضَ الْخُمُسُ، وَكَانَتْ أَوَّلَ غَنِيمَةٍ غَنِمَهَا الْمُسْلِمُونَ، وَأَوَّلَ خُمُسٍ فِي الْإِسْلَامِ.
وَأَقْبَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَحْشٍ وَأَصْحَابُهُ بِالْعِيرِ وَالْأَسْرَى إِلَى الْمَدِينَةِ. فَلَمَّا قَدِمُوا قَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا أَمَرْتُكُمْ بِقِتَالٍ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ» ، فَوَقَفَ الْعِيرَ وَالْأَسِيرَيْنِ، فَسُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ، وَعَنَّفَهُمُ الْمُسْلِمُونَ، وَقَالَتْ قُرَيْشٌ: قَدِ اسْتَحَلَّ مُحَمَّدٌ وَأَصْحَابُهُ الشَّهْرَ الْحَرَامَ. وَقَالَتِ الْيَهُودُ: تَفَاءَلُ بِذَلِكَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: عَمْرُو بْنُ الْحَضْرَمِيِّ قَتَلَهُ وَاقِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ؛ " عَمْرٌو ": عَمَرَتِ الْحَرْبُ، وَ " الْحَضْرَمِيُّ ": حَضَرَتِ الْحَرْبُ، وَ " وَاقِدٌ ": وَقَدَتِ الْحَرْبُ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ} [البقرة: ٢١٧] الْآيَةَ. فَلَمَّا نَزَلَ الْقُرْآنُ وَفَرَّجَ اللَّهُ عَنِ الْمُسْلِمِينَ قَبَضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْعِيرَ، وَكَانَتْ أَوَّلَ غَنِيمَةٍ أَصَابُوهَا، وَفَدَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْأَسِيرَيْنِ. فَأَمَّا الْحَكَمُ فَأَقَامَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى قُتِلَ يَوْمَ بِئْرِ مَعُونَةَ.
وَقِيلَ: كَانَ قَتْلُهُمْ عَمْرَو بْنَ الْحَضْرَمِيِّ، وَأَخْذُ الْعِيرِ آخِرَ يَوْمٍ مِنْ جُمَادَى، وَأَوَّلَ لَيْلَةٍ مِنْ رَجَبٍ.
وَفِيهَا صُرِفَتِ الْقِبْلَةُ مِنَ الشَّامِ إِلَى الْكَعْبَةِ، وَكَانَ أَوَّلَ مَا فُرِضَتِ الْقِبْلَةُ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَكَّةَ، وَكَانَ يُحِبُّ اسْتِقْبَالَ الْكَعْبَةِ، وَكَانَ يُصَلِّي بِمَكَّةَ وَيَجْعَلُ الْكَعْبَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ. فَلَمَّا هَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ لَمْ يُمْكِنْهُ ذَلِكَ، وَكَانَ يُؤْثِرُ أَنْ يُصْرَفَ إِلَى الْكَعْبَةِ، فَأَمَرَهُ اللَّهُ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الْكَعْبَةَ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ لِلنِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ عَلَى رَأْسِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ شَهْرًا مِنْ قُدُومِهِ الْمَدِينَةَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute