وَرَأَيْتُ فِي ذُبَابِ سَيْفِي ثَلْمًا، وَرَأَيْتُ أَنِّي أَدْخَلْتُ يَدِي فِي دِرْعٍ حَصِينَةٍ فَأَوَّلْتُهَا الْمَدِينَةَ، فَإِنْ رَأَيْتُمْ أَنْ تُقِيمُوا بِالْمَدِينَةِ وَتَدْعُوهُمْ، فَإِنْ أَقَامُوا أَقَامُوا بِشَرِّ مُقَامٍ، وَإِنْ دَخَلُوا عَلَيْنَا قَاتَلْنَاهُمْ فِيهَا.
وَكَانَ رَأْيُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ ابْنِ سَلُولَ مَعَ رَأْيِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَكْرَهُ الْخُرُوجَ، وَأَشَارَ بِالْخُرُوجِ جَمَاعَةٌ مِمَّنِ اسْتُشْهِدَ يَوْمَئِذٍ.
وَأَقَامَتْ قُرَيْشٌ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ وَالْخَمِيسِ وَالْجُمُعَةِ، وَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ صَلَّى الْجُمُعَةَ فَالْتَقَوْا يَوْمَ السَّبْتِ نِصْفَ شَوَّالٍ. فَلَمَّا لَبِسَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سِلَاحَهُ وَخَرَجَ نَدِمَ الَّذِينَ كَانُوا أَشَارُوا بِالْخُرُوجِ إِلَى قُرَيْشٍ وَقَالُوا: اسْتَكْرَهْنَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَنُشِيرُ عَلَيْهِ، فَالْوَحْيُ يَأْتِيهِ فِيهِ، فَاعْتَذَرُوا إِلَيْهِ وَقَالُوا: اصْنَعْ مَا شِئْتَ. فَقَالَ: لَا يَنْبَغِي لِنَبِيٍّ أَنْ يَلْبَسَ لَأْمَتَهُ فَيَضَعَهَا حَتَّى يُقَاتِلَ.
فَخَرَجَ فِي أَلْفِ رَجُلٍ، وَاسْتَخْلَفَ عَلَى الْمَدِينَةِ ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ، فَلَمَّا كَانَ بَيْنَ الْمَدِينَةِ وَأُحُدٍ عَادَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ بِثُلُثِ النَّاسِ، فَقَالَ: أَطَاعَهُمْ وَعَصَانِي، وَكَانَ يَذْكُرُ مَنْ تَبِعَهُ أَهْلُ النِّفَاقِ وَالرَّيْبِ، وَاتَّبَعَهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَرَامٍ أَخُو بَنِي سَلَمَةَ يُذَكِّرُهُمُ اللَّهَ أَنْ لَا يَخْذُلُوا نَبِيَّهُمْ، فَقَالُوا: لَوْ نَعْلَمُ أَنَّكُمْ تُقَاتِلُونَ مَا أَسْلَمْنَاكُمْ، وَانْصَرَفُوا. فَقَالَ: أَبْعَدَكُمُ اللَّهُ أَعْدَاءَ اللَّهِ! فَسَيُغْنِي اللَّهُ عَنْكُمْ!
وَبَقِيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي سَبْعِمِائَةٍ، فَسَارَ فِي حَرَّةِ بَنِي حَارِثَةَ وَبَيْنَ أَمْوَالِهِمْ، فَمَرَّ بِمَالِ رَجُلٍ مِنَ الْمُنَافِقِينَ يُقَالُ لَهُ مِرْبَعُ بْنُ قَيْظِيٍّ، وَكَانَ ضَرِيرَ الْبَصَرِ، فَلَمَّا سَمِعَ حِسَّ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَنْ مَعَهُ قَامَ يَحْثِي التُّرَابَ فِي وُجُوهِهِمْ وَيَقُولُ: إِنْ كُنْتَ رَسُولَ اللَّهِ فَإِنِّي لَا أُحِلُّ لَكَ أَنْ تَدْخُلَ حَائِطِي، وَأَخَذَ حَفْنَةً مِنْ تُرَابٍ فِي يَدِهِ وَقَالَ: لَوْ أَعْلَمُ أَنِّي لَا أُصِيبُ غَيْرَكَ لَضَرَبْتُ بِهِ وَجْهَكَ. فَابْتَدَرُوهُ لِيَقْتُلُوهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا تَفْعَلُوا؛ فَهَذَا الْأَعْمَى أَعْمَى الْبَصَرِ وَالْقَلْبِ. فَضَرَبَهُ سَعْدُ بْنُ زَيْدٍ بِقَوْسٍ فَشَجَّهُ.
وَذَبَّ فَرَسٌ بِذَنَبِهِ فَأَصَابَ كُلَّابَ سَيْفِ صَاحِبِهِ، فَاسْتَلَّهُ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute