وَرُمِيَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ بِسَهْمٍ قَطَعَ أَكْحَلَهُ، رَمَاهُ حِبَّانُ بْنُ قَيْسِ بْنِ الْعَرِقَةِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ، مِنْ بَنِي مَعِيصٍ، مِنْ عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ، وَالْعَرِقَةُ أُمُّهُ، وَإِنَّمَا قِيلَ لَهَا الْعَرِقَةُ لِطِيبِ رِيحِ عَرَقِهَا، وَهِيَ قِلَابَةُ بِنْتُ سَعْدِ بْنِ سَهْمٍ، وَهِيَ أُمُّ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ الْحَارِثِ. فَلَمَّا رَمَى سَعْدًا قَالَ: خُذْهَا وَأَنَا ابْنُ الْعَرِقَةِ. فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: عَرَّقَ اللَّهُ وَجْهَكَ فِي النَّارِ، وَلَمْ يُقْطَعِ الْأَكْحَلُ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا مَاتَ. فَقَالَ سَعْدٌ: اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ أَبْقَيْتَ مِنْ حَرْبِ قُرَيْشٍ شَيْئًا فَأَبْقِنِي لَهَا، فَإِنَّهُ لَا قَوْمَ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ أُقَاتِلَهُمْ مِنْ قَوْمٍ آذَوْا نَبِيَّكَ وَكَذَّبُوهُ، اللَّهُمَّ وَإِنْ كُنْتَ وَضَعْتَ الْحَرْبَ بَيْنَنَا فَاجْعَلْهُ لِي شَهَادَةً، وَلَا تُمِتْنِي حَتَّى تَقَرَّ عَيْنِي مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ. وَكَانُوا حُلَفَاءَهُ وَمَوَالِيَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ.
وَقِيلَ: إِنَّ الَّذِي رَمَى سَعْدًا هُوَ أَبُو أُسَامَةَ الْجُشَمِيُّ حَلِيفُ بَنِي مَخْزُومٍ، فَلَمَّا قَالَ سَعْدٌ مَا قَالَ انْقَطَعَ الدَّمُ.
وَكَانَتْ صَفِيَّةُ عَمَّةُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي فَارِعٍ، حِصْنِ حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ، وَكَانَ حَسَّانُ فِيهِ مَعَ النِّسَاءِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ جَبَانًا، قَالَتْ: فَأَتَانَا آتٍ مِنَ الْيَهُودِ فَقُلْتُ لِحَسَّانَ: هَذَا الْيَهُودِيُّ يَطُوفُ بِنَا، وَلَا نَأْمَنُهُ أَنْ يَدُلَّ عَلَى عَوْرَاتِنَا، فَانْزِلْ إِلَيْهِ فَاقْتُلْهُ. فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا أَنَا بِصَاحِبِ هَذَا. قَالَتْ: فَأَخَذْتُ عَمُودًا وَنَزَلْتُ إِلَيْهِ فَقَتَلْتُهُ، ثُمَّ رَجَعْتُ فَقُلْتُ لِحَسَّانَ: انْزِلْ إِلَيْهِ فَخُذْ سَلَبَهُ؛ فَإِنَّنِي يَمْنَعُنِي مِنْهُ أَنَّهُ رَجُلٌ. فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا لِي بِسَلَبِهِ مِنْ حَاجَةٍ.
ثُمَّ إِنْ نُعَيْمَ بْنَ مَسْعُودٍ الْأَشْجَعِيَّ أَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي قَدْ أَسْلَمْتُ وَلَمْ يَعْلَمْ قَوْمِي، فَمُرْنِي بِمَا شِئْتَ. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّمَا أَنْتَ رَجُلٌ وَاحِدٌ، فَخَذِّلْ عَنَّا مَا اسْتَطَعْتَ، فَإِنَّ الْحَرْبَ خُدْعَةٌ. فَخَرَجَ حَتَّى أَتَى بَنِي قُرَيْظَةَ، وَكَانَ نَدِيمًا لَهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَقَالَ لَهُمْ: قَدْ عَرَفْتُمْ وُدِّي إِيَّاكُمْ. فَقَالُوا: لَسْتَ عِنْدَنَا بِمُتَّهَمٍ. قَالَ: قَدْ ظَاهَرْتُمْ قُرَيْشًا وَغَطَفَانَ عَلَى حَرْبِ مُحَمَّدٍ، وَلَيْسُوا كَأَنْتُمْ، الْبَلَدُ بَلَدُكُمْ، بِهِ أَمْوَالُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَنِسَاؤُكُمْ، لَا تَقْدِرُونَ عَلَى أَنْ تَتَحَوَّلُوا مِنْهُ، وَإِنَّ قُرَيْشًا وَغَطَفَانَ إِنْ رَأَوْا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute