قَيْلَ بْنَ عِيرٍ، وَلُقَيْمَ بْنَ هَزَّالٍ، وَمَرْثَدَ بْنَ سَعْدٍ، وَكَانَ مُسْلِمًا يَكْتُمُ إِسْلَامَهُ، وَجَلْهَمَةَ بْنَ الْخَيْبَرِيِّ خَالَ مُعَاوِيَةَ بْنِ بَكْرٍ، وَلُقْمَانَ بْنَ عَادِ بْنِ فُلَانِ بْنِ عَادٍ الْأَكْبَرَ فِي سَبْعِينَ رَجُلًا مِنْ قَوْمِهِمْ، فَلَمَّا قَدِمُوا مَكَّةَ نَزَلُوا عَلَى مُعَاوِيَةَ بْنِ بَكْرٍ بِظَاهِرِ مَكَّةَ خَارِجًا عَنِ الْحَرَمِ، فَأَكْرَمَهُمْ، وَكَانُوا أَخْوَالَهُ وَصِهْرَهُ لِأَنَّ لُقَيْمَ بْنَ هَزَّالٍ كَانَ تَزَوَّجَ هُزَيْلَةَ بِنْتَ بَكْرٍ أُخْتَ مُعَاوِيَةَ، فَأَوْلَدَهَا أَوْلَادًا كَانُوا عِنْدَ خَالِهِمْ مُعَاوِيَةَ بِمَكَّةَ، وَهُمْ عُبَيْدٌ، وَعَمْرٌو، وَعَامِرٌ، وَعُمَيْرٌ بَنُو لُقَيْمٍ، وَهُوَ عَادٌ الْآخِرَةُ الَّتِي بَقِيَتْ بَعْدَ عَادٍ الْأُولَى، فَلَمَّا نَزَلُوا عَلَى مُعَاوِيَةَ أَقَامُوا عِنْدَهُ شَهْرًا يَشْرَبُونَ الْخَمْرَ وَتُغَنِّيهِمُ الْجَرَادَتَانِ - قَيْنَتَانِ لِمُعَاوِيَةَ - فَلَمَّا رَأَى مُعَاوِيَةُ طُولَ مُقَامِهِمْ وَتَرْكَهُمْ مَا أُرْسِلُوا لَهُ شَقَّ عَلَيْهِ ذَلِكَ، وَقَالَ: هَلَكَ أَخْوَالِي، وَاسْتَحْيَا أَنْ يَأْمُرَ الْوَفْدَ بِالْخُرُوجِ إِلَى مَا بُعِثُوا لَهُ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لِلْجَرَادَتَيْنِ فَقَالَتَا: قُلْ شِعْرًا نُغَنِّيهِمْ بِهِ لَا يَدْرُونَ مَنْ قَائِلُهُ لَعَلَّهُمْ يَتَحَرَّكُونَ ; فَقَالَ مُعَاوِيَةُ:
أَلَا يَا قَيْلُ وَيْحَكَ قُمْ فَهَيْنِمْ ... لَعَلَّ اللَّهَ يُصْبِحُنَا غَمَامَا
فَيَسْقِي أَرْضَ عَادٍ إِنَّ عَادًا ... قَدَ امْسَوْا لَا يُبِينُونَ الْكَلَامَا
فِي أَبْيَاتٍ ذَكَرَهَا. وَالْهَيْنَمَةُ: الْكَلَامُ الْخَفِيُّ.
فَلَمَّا غَنَّتْهُمُ الْجَرَادَتَانِ ذَلِكَ الشِّعْرَ وَسَمِعَهُ الْقَوْمُ، قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: يَا قَوْمُ، بَعَثَكُمْ قَوْمُكُمْ يَتَغَوَّثُونَ بِكُمْ مِنَ الْبَلَاءِ الَّذِي نَزَلَ بِهِمْ فَأَبْطَأْتُمْ عَلَيْهِمْ فَادْخُلُوا الْحَرَمَ، وَاسْتَسْقُوا لِقَوْمِكُمْ. فَقَالَ مَرْثَدُ بْنُ سَعْدٍ: إِنَّهُمْ وَاللَّهِ لَا يُسْقَوْنَ بِدُعَائِهِمْ، وَلَكِنْ أَطِيعُوا نَبِيَّكُمْ، فَأَنْتُمْ تُسْقَوْنَ، وَأَظْهَرَ إِسْلَامَهُ عِنْدَ ذَلِكَ. فَقَالَ جَلْهَمَةُ بْنُ الْخَيْبَرِيِّ خَالُ مُعَاوِيَةَ، لِمُعَاوِيَةَ بْنِ بَكْرٍ: احْبِسْ عَنَّا مَرْثَدَ بْنَ سَعْدٍ. وَخَرَجُوا إِلَى مَكَّةَ يَسْتَسْقُونَ بِهَا لِعَادٍ، فَدَعَوُا اللَّهَ تَعَالَى لِقَوْمِهِمْ، وَاسْتَسْقَوْا، فَأَنْشَأَ اللَّهُ سَحَائِبَ ثَلَاثًا بَيْضَاءَ، وَحَمْرَاءَ، وَسَوْدَاءَ، وَنَادَى مُنَادٍ مِنْهَا: يَا قَيْلُ، اخْتَرْ لِنَفْسِكَ وَقَوْمِكَ. فَقَالَ: قَدِ اخْتَرْتُ السَّحَابَةَ السَّوْدَاءَ فَإِنَّهَا أَكْثَرُ مَاءً، فَنَادَاهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute