عِنْدَ صَاحِبَتِي أُمِّ شَيْبَةَ ابْنَةِ أَبِي طَلْحَةَ، وَهِيَ أُمُّ ابْنِهِ مُعْرِضِ بْنِ الْحَجَّاجِ، وَمَالٌ مُتَفَرِّقٌ بِمَكَّةَ، فَأْذَنْ لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَأَذِنَ لَهُ. فَقَالَ: إِنَّهُ لَابُدَّ مِنْ أَنْ أَقُولَ. قَالَ: قُلْ. فَقَدِمَ الْحَجَّاجُ مَكَّةَ، فَسَأَلَهُ أَهْلُ مَكَّةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَا صَنَعَ بِخَيْبَرَ، وَلَمْ يَكُونُوا عَلِمُوا بِإِسْلَامِهِ، فَقَالَ لَهُمْ: إِنَّ يَهُودَ هَزَمَتْهُ وَأَصْحَابَهُ، وَقُتِلَ أَصْحَابُهُ قَتْلًا ذَرِيعًا، وَأُسِرَ مُحَمَّدٌ، وَقَالَتْ يَهُودُ: لَنْ نَقْتُلَهُ حَتَّى نَبْعَثَ بِهِ إِلَى مَكَّةَ فَيَقْتُلُوهُ. فَصَاحُوا بِمَكَّةَ بِذَلِكَ، فَقَالَ: أَعِينُونِي فِي جَمْعِ مَالِي حَتَّى أَقْدَمَ خَيْبَرَ، فَأُصِيبَ مِنْ فَلِّ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ قَبْلَ أَنْ يَسْبِقَنِي التُّجَّارُ. فَجَمَعُوهُ كُلَّهُ كَأَحَثِّ شَيْءٍ. فَأَتَاهُ الْعَبَّاسُ وَسَأَلَهُ عَنِ الْخَبَرِ، فَأَخْبَرَهُ بَعْدَ أَنْ جَمَعَ مَالَهُ بِفَتْحِ خَيْبَرَ، وَأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخَذَ صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَيِّ لِنَفْسِهِ، وَأَنَّهُ قَدِمَ لِجَمْعِ مَالِهِ، وَسَأَلَهُ أَنْ يَكْتُمَ عَنْهُ ثَلَاثًا خَوْفَ الطَّلَبِ. فَكَتَمَ الْعَبَّاسُ الْخَبَرَ ثَلَاثًا بَعْدَ مَسِيرِهِ، ثُمَّ لَبِسَ حُلَّةً لَهُ وَخَرَجَ، فَطَافَ بِالْكَعْبَةِ، فَلَمَّا رَأَتْهُ قُرَيْشٌ قَالُوا: يَا أَبَا الْفَضْلِ، هَذَا وَاللَّهِ التَّجَلُّدُ. قَالَ: كَلَّا وَاللَّهِ! لَقَدِ افْتَتَحَ مُحَمَّدٌ خَيْبَرَ، وَأَخَذَ ابْنَةَ مَلِكِهِمْ وَأَمْوَالَهُمْ. وَأَخْبَرَهُمْ بِخَبَرِ الْحَجَّاجِ. فَقَالُوا: لَوْ عَلِمْنَا لَكَانَ لَهُ وَلَنَا شَأْنٌ.
ذِكْرُ مَقَاسِمِ خَيْبَرَ
وَقَسَّمَ مِنْ أَمْوَالِ خَيْبَرَ الشِّقَّ وَالنَّطَاةَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، وَكَانَتِ الْكَتِيبَةُ خُمْسُ اللَّهِ وَالرَّسُولِ، وَسَهْمُ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ، فَطُعِمَ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَطُعِمَ رِجَالٌ مَشَوْا بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ وَأَهْلِ فَدَكَ بِالصُّلْحِ، وَقُسِمَتْ خَيْبَرُ عَلَى أَهْلِ الْحُدَيْبِيَةِ، فَأُعْطِي الْفَرَسُ سَهْمَيْنِ وَالرَّجُلُ سَهْمًا. وَأَقَرَّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَهْلَ خَيْبَرَ بِخَيْرٍ، وَأَبُو بَكْرٍ بَعْدَهُ، وَعُمَرُ صَدْرًا مِنْ إِمَارَتِهِ حَتَّى بَلَغَهُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ: «لَا يَجْتَمِعُ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ دِينَانِ. فَأَجْلَى عُمَرُ مِنْ يَهُودَ مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ عَهْدٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» .
(سَلَّامُ بْنُ مِشْكَمٍ بِتَشْدِيدِ اللَّامِ، وَمِشْكَمٌ بِكَسْرِ الْمِيمِ، وَسُكُونِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ. وَالْحُقَيْقُ بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ، وَبِقَافَيْنِ. وَأَخْطَبُ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ، وَآخِرُهُ بَاءٌ مُوَحَّدَةٌ. وَمَعْرُورٌ بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ، وَبَعْدَهُ رَاءَانِ مُهْمَلَتَانِ. وَعِلَاطٌ بِكَسْرِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ، وَطَاءٍ مُهْمَلَةٍ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute