للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثَلَاثًا - أُخْبِرُكُمْ عَنْ جَيْشِكُمْ هَذَا الْغَازِي، إِنَّهُمْ لَقُوا الْعَدُوَّ، فَقُتِلَ زَيْدٌ شَهِيدًا - فَاسْتَغْفَرَ لَهُ - ثُمَّ أَخَذَ اللِّوَاءَ جَعْفَرٌ، فَشَدَّ عَلَى الْقَوْمِ حَتَّى قُتِلَ شَهِيدًا - فَاسْتَغْفَرَ لَهُ - ثُمَّ أَخَذَ اللِّوَاءَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ، وَصَمَتَ حَتَّى تَغَيَّرَتْ وُجُوهُ الْأَنْصَارِ، وَظَنُّوا أَنَّهُ قَدْ كَانَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ مَا يَكْرَهُونَ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَقَاتَلَ الْقَوْمَ حَتَّى قُتِلَ شَهِيدًا، ثُمَّ قَالَ: لَقَدْ رُفِعُوا إِلَى الْجَنَّةِ عَلَى سُرُرٍ مِنْ ذَهَبٍ، فَرَأَيْتُ فِي سَرِيرِ ابْنِ رَوَاحَةَ ازْوِرَارًا عَنْ سَرِيرَيْ صَاحِبَيْهِ، فَقُلْتُ: عَمَّ هَذَا؟ فَقِيلَ: مَضَيَا، وَتَرَدَّدَ بَعْضَ التَّرَدُّدِ ثُمَّ مَضَى» .

وَلَمَّا قُتِلَ ابْنُ رَوَاحَةَ أَخَذَ الرَّايَةَ ثَابِتُ بْنُ أَرْقَمَ الْأَنْصَارِيُّ وَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ، اصْطَلِحُوا عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ. فَقَالُوا: رَضِينَا بِكَ. فَقَالَ: مَا أَنَا بِفَاعِلٍ. فَاصْطَلَحُوا عَلَى خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ، فَأَخَذَ الرَّايَةَ، وَدَافَعَ الْقَوْمَ، وَانْحَازُوا عَنْهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ثُمَّ أَخَذَ الرَّايَةَ سَيْفٌ مِنْ سُيُوفِ اللَّهِ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ» ، فَعَادَ بِالنَّاسِ. فَمِنْ يَوْمِئِذٍ سُمِّيَ خَالِدٌ سَيْفَ اللَّهِ.

وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَرَّ بِي جَعْفَرٌ الْبَارِحَةَ فِي نَفَرٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ لَهُ جَنَاحَانِ، مُخْتَضِبَ الْقَوَادِمِ بِالدَّمِ» .

قَالَتْ أَسْمَاءُ: «أَتَانِي النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ فَرَغْتُ مِنِ اشْتِغَالِي، وَغَسَلْتُ أَوْلَادَ جَعْفَرٍ وَدَهَنْتُهُمْ، فَأَخَذَهُمْ وَشَمَّهُمْ وَدَمَعَتْ عَيْنَاهُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَبَلَغَكَ عَنْ جَعْفَرٍ شَيْءٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، أُصِيبَ هَذَا الْيَوْمَ. ثُمَّ عَادَ إِلَى أَهْلِهِ فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَصْنَعُوا لِآلِ جَعْفَرٍ طَعَامًا، فَهُوَ أَوَّلُ مَا عُمِلَ فِي دِينِ الْإِسْلَامِ» . قَالَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ: فَقُمْتُ أَصْنَعُ، وَاجْتَمَعَ إِلَيَّ النِّسَاءُ. فَلَمَّا رَجَعَ الْجَيْشُ وَدَنَا مِنَ الْمَدِينَةِ لَقِيَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْمُسْلِمُونَ، فَأَخَذَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ فَحَمَلَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَحْثُونَ التُّرَابَ عَلَى الْجَيْشِ وَيَقُولُونَ: يَا فُرَّارُ، يَا فُرَّارُ! وَيَقُولُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسُوا بِالْفُرَّارِ، وَلَكِنَّهُمُ الْكُرَّارُ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى -» .

<<  <  ج: ص:  >  >>