للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سُرَاقَةَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَجُعَيْلٌ خَيْرٌ مِنْ طِلَاعِ الْأَرْضِ رِجَالًا، كُلُّهُمْ مِثْلُ عُيَيْنَةَ وَالْأَقْرَعِ. وَلَكِنِّي تَأَلَّفْتُهُمَا، وَوَكَلْتُ جُعَيْلًا إِلَى إِسْلَامِهِ.

وَقِيلَ: إِنَّ ذَا الْخُوَيْصِرَةِ التَّمِيمِيَّ فِي هَذِهِ الْقِسْمَةِ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّكَ لَمْ تَعْدِلِ الْيَوْمَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ أَعْدِلْ؟ ! فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: أَلَا نَقْتُلُهُ؟ ! فَقَالَ: دَعُوهُ، سَتَكُونُ لَهُ شِيعَةٌ يَتَعَمَّقُونَ فِي الدِّينِ حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهُ كَمَا يَخْرُجُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ» .

وَقِيلَ إِنَّ هَذَا الْقَوْلَ كَانَ فِي مَالٍ بَعَثَ بِهِ عَلِيٌّ مِنَ الْيَمَنِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَسَّمَهُ بَيْنَ جَمَاعَةٍ، مِنْهُمْ: عُيَيْنَةُ، وَالْأَقْرَعُ، وَزَيْدُ الْخَيْلِ.

قَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ: لَمَّا أَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا أَعْطَى مِنْ تِلْكَ الْغَنَائِمِ فِي قُرَيْشٍ وَقَبَائِلِ الْعَرَبِ، وَلَمْ يُعْطَ الْأَنْصَارُ شَيْئًا - وَجَدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى قَالَ قَائِلُهُمْ: لَقِيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَوْمَهُ. فَأَخْبَرَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِذَلِكَ فَقَالَ لَهُ: فَأَيْنَ أَنْتَ يَا سَعْدُ؟ قَالَ: أَنَا مِنْ قَوْمِي. قَالَ: فَاجْمَعْ قَوْمَكَ لِي، فَجَمَعَهُمْ. فَأَتَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: «مَا حَدِيثٌ بَلَغَنِي عَنْكُمْ؟ أَلَمْ آتِكُمْ ضُلَّالًا، فَهَدَاكُمُ اللَّهُ بِي؟ وَفُقَرَاءَ، فَأَغْنَاكُمُ اللَّهُ بِي؟ وَأَعْدَاءَ، فَأَلَّفَ اللَّهُ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ بِي؟ قَالُوا: بَلَى - وَاللَّهِ - يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَلِلَّهِ وَرَسُولِهِ الْمَنُّ وَالْفَضْلُ. فَقَالَ: أَلَا تُجِيبُونِي؟ قَالُوا: بِمَاذَا نُجِيبُكَ؟ فَقَالَ: وَاللَّهِ لَوْ شِئْتُمْ لَقُلْتُمْ، فَصَدَقْتُمْ: أَتَيْتَنَا مُكَذَّبًا فَصَدَّقْنَاكَ، وَمَخْذُولًا فَنَصَرْنَاكَ، وَطَرِيدًا فَآوَيْنَاكَ، وَعَائِلًا فَوَاسَيْنَاكَ، أَوَجَدْتُمْ يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ فِي أَنْفُسِكُمْ فِي لُعَاعَةٍ مِنَ الدُّنْيَا تَأَلَّفْتُ بِهَا قَوْمًا لِيُسْلِمُوا، وَوَكَلْتُكُمْ إِلَى إِسْلَامِكُمْ، أَفَلَا تَرْضَوْنَ أَنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بِالشَّاةِ وَالْبَعِيرِ، وَتَرْجِعُوا بِرَسُولِ اللَّهِ إِلَى رِحَالِكُمْ؟ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْلَا الْهِجْرَةُ لَكُنْتُ امْرَأً مِنَ الْأَنْصَارِ، وَلَوْ سَلَكَ النَّاسُ شِعْبًا، وَسَلَكَتِ الْأَنْصَارُ شِعْبًا؛ لَسَلَكْتُ شِعْبَ الْأَنْصَارِ، اللَّهُمَّ ارْحَمِ الْأَنْصَارَ وَأَبْنَاءَ الْأَنْصَارِ، وَأَبْنَاءَ أَبْنَاءِ الْأَنْصَارِ. قَالَ: فَبَكَى الْقَوْمُ حَتَّى أَخْضَلُوا لِحَاهُمْ، وَقَالُوا: رَضِينَا بِرَسُولِ اللَّهِ قِسْمًا وَحَظًّا. وَتَفَرَّقُوا» .

ثُمَّ اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنَ الْجِعْرَانَةِ، وَعَادَ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَاسْتَخْلَفَ عَلَى مَكَّةَ عَتَّابَ بْنَ أَسِيدٍ، وَتَرَكَ مَعَهُ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ يُفَقِّهُ النَّاسَ، وَحَجَّ عَتَّابُ بْنُ أَسِيدٍ بِالنَّاسِ، وَحَجَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>