للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَدِمَتْ وُفُودُهُمْ فِي هَذِهِ السَّنَةِ، قَدِمَ وَفْدُ بَنِي أَسَدٍ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالُوا: أَتَيْنَاكَ قَبْلَ أَنْ تُرْسِلَ إِلَيْنَا رَسُولًا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ - تَعَالَى: {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا} [الحجرات: ١٧] ، الْآيَةَ.

وَفِيهَا قَدِمَ وَفْدُ بَلِيٍّ فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ.

وَفِيهَا قَدِمَ وَفْدُ الدَّارِيِّينَ، وَهُمْ عَشَرَةُ نَفَرٍ.

وَفِيهَا قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَفْدُ بَنِي تَمِيمٍ مَعَ حَاجِبِ بْنِ زُرَارَةَ بْنِ عُدَسٍ، وَفِيهِمْ: الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ، وَالزِّبْرِقَانُ بْنُ بَدْرٍ، وَعَمْرُو بْنُ الْأَهْتَمِ، وَقَيْسُ بْنُ عَاصِمٍ، وَالْخَتَّاتُ، وَمُعْتَمِرُ بْنُ زَيْدٍ، فِي وَفْدٍ عَظِيمٍ، وَمَعَهُمْ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ الْفَزَارِيُّ، فَلَمَّا دَخَلُوا الْمَسْجِدَ نَادَوْا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ وَرَاءِ حُجُرَاتِهِ: أَنِ اخْرُجْ إِلَيْنَا يَا مُحَمَّدُ، فَآذَى ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَخَرَجَ إِلَيْهِمْ، فَقَالُوا: جِئْنَا نُفَاخِرُكَ، فَأْذَنْ لِشَاعِرِنَا وَخَطِيبِنَا، فَأَذِنَ لَهُمْ، فَقَامَ عُطَارِدُ فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ عَلَيْنَا الْفَضْلُ الَّذِي جَعَلَنَا مُلُوكًا، وَوَهَبَ لَنَا أَمْوَالًا عِظَامًا نَفْعَلُ فِيهَا الْمَعْرُوفَ، وَجَعَلَنَا أَعَزَّ أَهْلِ الْمَشْرِقِ وَأَكْثَرَهُمْ عَدَدًا، فَمَنْ يُفَاخِرُنَا فَلْيُعَدِّدْ مِثْلَ عَدَدِنَا.

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ: أَجِبِ الرَّجُلَ. فَقَامَ ثَابِتٌ فَقَالَ:

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ خَلْقُهُ، قَضَى فِيهِنَّ أَمْرَهُ، وَوَسِعَ كُرْسِيُّهُ عِلْمَهُ، وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ قَطُّ إِلَّا مِنْ فَضْلِهِ، ثُمَّ كَانَ مِنْ قُدْرَتِهِ أَنْ جَعَلَنَا مُلُوكًا، وَاصْطَفَى مِنْ خَيْرِ خَلْقِهِ رَسُولًا، أَكْرَمَهُمْ نَسَبًا، وَأَصْدَقَهُمْ حَدِيثًا، وَأَفْضَلَهُمْ حَسَبًا، فَأَنْزَلَ عَلَيْهِ كِتَابَهُ، وَائْتَمَنَهُ عَلَى خَلْقِهِ، فَكَانَ خِيرَةَ اللَّهِ - تَعَالَى - مِنَ الْعَالَمِينَ، ثُمَّ دَعَا النَّاسَ إِلَى الْإِيمَانِ، فَآمَنَ بِهِ الْمُهَاجِرُونَ مِنْ قَوْمِهِ وَذَوِي رَحِمِهِ، أَكْرَمُ النَّاسِ نَسَبًا، وَأَحْسَنُ النَّاسِ وُجُوهًا، وَخَيْرُ النَّاسِ فِعَالًا. ثُمَّ كَانَ أَوَّلَ الْخَلْقِ اسْتِجَابَةً لِلَّهِ حِينَ دَعَاهُ نَحْنُ، فَنَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ وَوُزَرَاءُ رَسُولِهِ، نُقَاتِلُ النَّاسَ حَتَّى يُؤْمِنُوا، فَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ مَنَعَ مَالَهُ وَدَمَهُ، وَمَنْ كَفَرَ جَاهَدْنَاهُ فِي اللَّهِ أَبَدًا، وَكَانَ قَتْلُهُ عَلَيْنَا يَسِيرًا، وَالسَّلَامُ عَلَيْكُمْ.

فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ائْذَنْ لِشَاعِرِنَا، فَأَذِنَ لَهُ، فَقَامَ الزِّبْرِقَانُ بْنُ بَدْرٍ فَقَالَ:

<<  <  ج: ص:  >  >>