وَقِيلَ: إِنَّهُمْ كَانُوا قَدْ كَثُرُوا، فَبَلَغُوا أَرْبَعِينَ أَلْفًا، فَتَحَاسَدُوا بَيْنَهُمْ، فَأَتَوْا عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَقَالُوا: أَجْلِنَا، وَكَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَدْ خَافَهُمْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، فَاغْتَنَمَهَا، فَأَجْلَاهُمْ، فَنَدِمُوا بَعْدَ ذَلِكَ، ثُمَّ اسْتَقَالُوهُ فَأَبَى، فَبَقُوا كَذَلِكَ إِلَى خِلَافَةِ عُثْمَانَ. فَلَمَّا وَلِيَ عَلِيٌّ أَتَوْهُ وَقَالُوا: نَنْشُدُكَ اللَّهَ خَطَّكَ بِيَمِينِكَ. فَقَالَ: إِنَّ عُمَرَ كَانَ رَشِيدَ الْأَمْرِ، وَأَنَا أَكْرَهُ خِلَافَهُ، وَكَانَ عُثْمَانُ قَدْ أَسْقَطَ عَنْهُمْ مِائَتَيْ حُلَّةٍ، وَكَانَ صَاحِبُ النَّجْرَانِيَّةِ بِالْكُوفَةِ يَبْعَثُ إِلَى مَنْ بِالشَّامِ وَالنَّوَاحِي مِنْ أَهْلِ نَجْرَانَ يَجْبُونَهُمُ الْحُلَلَ.
فَلَمَّا وَلِيَ مُعَاوِيَةُ وَيَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ شَكَوْا إِلَيْهِ تَفَرُّقَهُمْ، وَمَوْتَ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ، وَإِسْلَامَ مَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ، وَكَانُوا قَدْ قَلُّوا، وَأَرَوْهُ كِتَابَ عُثْمَانَ، فَوَضَعَ عَنْهُمْ مِائَتَيْ حُلَّةٍ تَكْمِلَةَ أَرْبَعِمِائَةِ حُلَّةٍ. فَلَمَّا وَلِيَ الْحَجَّاجُ الْعِرَاقَ، وَخَرَجَ عَلَيْهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْأَشْعَثِ - اتَّهَمَ الدَّهَاقِينَ بِمُوَالَاتِهِ، وَاتَّهَمَهُمْ مَعَهُمْ، فَرَدَّهُمْ إِلَى أَلْفٍ وَثَلَاثِمِائَةِ حُلَّةٍ، وَأَخَذَهُمْ بِحُلَلٍ وَشَيْءٍ. فَلَمَّا وَلِيَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ شَكَوْا إِلَيْهِ فَنَاءَهُمْ وَنَقْصَهُمْ، وَإِلْحَاحَ الْعَرَبِ عَلَيْهِمْ بِالْغَارَةِ، وَظُلْمَ الْحَجَّاجِ، فَأَمَرَ بِهِمْ فَأُحْصَوْا، وَوُجِدُوا عَلَى الْعُشْرِ مِنْ عِدَّتِهِمُ الْأُولَى، فَقَالَ: أَرَى هَذَا الصُّلْحَ جِزْيَةً، وَلَيْسَ عَلَى أَرْضِهِمْ شَيْءٌ، وَجِزْيَةُ الْمُسْلِمِ وَالْمَيِّتِ سَاقِطَةٌ، فَأَلْزَمَهُمْ مِائَتَيْ حُلَّةٍ. فَلَمَّا تَوَلَّى يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ الثَّقَفِيُّ رَدَّهُمْ إِلَى أَمْرِهِمُ الْأَوَّلِ عَصَبِيَّةً لِلْحَجَّاجِ. فَلَمَّا اسْتُخْلِفَ السَّفَّاحُ عَمَدُوا إِلَى طَرِيقِهِ يَوْمَ ظُهُورِهِ مِنَ الْكُوفَةِ، فَأَلْقَوْا فِيهَا الرَّيْحَانَ وَنَثَرُوا عَلَيْهِ، فَأَعْجَبَهُ ذَلِكَ مِنْ فِعْلِهِمْ، ثُمَّ رَفَعُوا إِلَيْهِ أَمْرَهُمْ، وَتَقَرَّبُوا إِلَيْهِ بِأَخْوَالِهِ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ كَعْبٍ، فَكَلَّمَهُ فِيهِمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ، فَرَدَّهُمْ إِلَى مِائَتَيْ حُلَّةٍ. فَلَمَّا وَلِيَ الرَّشِيدُ شَكَوْا إِلَيْهِ الْعُمَّالَ فَأَمَرَ أَنْ يُعْفَوْا مِنَ الْعُمَّالِ، وَأَنْ يَكُونَ مُؤَدَّاهُمْ بَيْتَ الْمَالِ.
وَفِيهَا قَدِمَ وَفْدُ سَلَامَانَ فِي شَوَّالٍ، وَهُمْ سَبْعَةُ نَفَرٍ، رَأَسَهُمْ حَبِيبٌ السَّلَامَانِيُّ.
وَفِيهَا قَدِمَ وَفْدُ غَسَّانَ فِي رَمَضَانَ، وَوَفْدُ غَامِدٍ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ أَيْضًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute