فَأَفْنَى ذَاكُمُ سَرَوَاتِ قَوْمٍ
كَمَا أَفْنَى الْقُرُونَ الْأَوَّلِينَا
وَلَمَّا تَوَّجَهَ فَرْوَةُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُفَارِقًا لِقَوْمِهِ قَالَ:
لَمَّا رَأَيْتُ مُلُوكَ كِنْدَةَ أَعْرَضَتْ ... كَالرِّجْلِ خَانَ الرِّجْلَ عِرْقَ نَسَائِهَا
يَمَّمْتُ رَاحِلَتِي أَؤُمُّ مُحَمَّدًا ... أَرْجُو فَضَائِلَهَا وَحُسْنَ ثَرَائِهَا
فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَهُ: يَا فَرْوَةُ، هَلْ سَاءَكَ مَا أَصَابَ قَوْمَكَ يَوْمَ الرِّزْمِ؟ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ ذَا يُصِيبُ قَوْمَهُ مِثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمِي، وَلَمْ يَسُؤْهُ ذَلِكَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ ذَلِكَ لَا يَزِيدُ قَوْمَكَ فِي الْإِسْلَامِ إِلَّا خَيْرًا. فَاسْتَعْمَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى مُرَادٍ وَزُبَيْدٍ وَمَذْحِجٍ كُلِّهَا، وَبَعَثَ مَعَهُ خَالِدَ بْنَ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ، فَكَانَ عَلَى الصَّدَقَاتِ إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وَفِيهَا أَرْسَلَ فَرْوَةُ بْنُ عَمْرٍو الْجُذَامِيُّ، ثُمَّ النُّفَاثِيُّ، رَسُولًا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِإِسْلَامِهِ، وَأَهْدَى لَهُ بَغْلَةً بَيْضَاءَ، وَكَانَ فَرْوَةُ عَامِلًا لِلرُّومِ عَلَى مَنْ يَلِيهِمْ مِنَ الْعَرَبِ، وَكَانَ مَنْزِلُهُ مُعَانَ فِي أَرْضِ الشَّامِ، فَلَمَّا بَلَغَ الرُّومَ إِسْلَامُهُ طَلَبُوهُ حَتَّى أَسَرُوهُ، فَحَبَسُوهُ، فَقَالَ فِي مَحْبَسِهِ ذَلِكَ:
طَرَقَتْ سُلَيْمِي مُوهِنًا فَشَجَانِي ... وَالرُّومُ بَيْنَ الْبَابِ وَالْقُرْبَانِ
صَدَّ الْخَيَالُ وَسَاءَهُ مَا قَدْ رَأَى ... وَهَمَمْتُ أَنْ أُغْفِيَ وَقَدْ أَبْكَانِي
لَا تُكْحِلِنَّ الْعَيْنَ بَعْدِي إِثْمِدًا ... سَلْمَى وَلَا تَدْنِنَّ لِلْإِنْسَانِ
فَلَمَّا اجْتَمَعَتِ الرُّومُ لِصَلْبِهِ عَلَى مَاءٍ لَهُمْ يُقَالُ لَهُ: عِفْرَى، بِفِلَسْطِينَ قَالَ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute