للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«قَالَتْ عَائِشَةُ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ يَمُوتُ وَعِنْدَهُ قَدَحٌ فِيهِ مَاءٌ، يُدْخِلُ يَدَهُ فِي الْقَدَحِ، ثُمَّ يَمْسَحُ وَجْهَهُ بِالْمَاءِ، ثُمَّ يَقُولُ: اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى سَكَرَاتِ الْمَوْتِ. قَالَ: ثُمَّ دَخَلَ بَعْضُ آلِ أَبِي بَكْرٍ وَفِي يَدِهِ سِوَاكٌ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ نَظَرًا عَرَفْتُ أَنَّهُ يُرِيدُهُ، فَأَخَذْتُهُ فَلَيَّنْتُهُ، ثُمَّ نَاوَلْتُهُ إِيَّاهُ، فَاسْتَنَّ بِهِ ثُمَّ وَضَعَهُ، ثُمَّ ثَقُلَ فِي حِجْرِي، قَالَتْ: فَذَهَبْتُ أَنْظُرُ فِي وَجْهِهِ، وَإِذَا بَصَرُهُ قَدْ شَخَصَ وَهُوَ يَقُولُ: بَلِ الرَّفِيقُ الْأَعْلَى. فَقُبِضَ» .

قَالَتْ: تُوُفِّيَ وَهُوَ بَيْنَ سَحْرِي وَنَحْرِي، فَمِنْ سَفَهِي وَحَدَاثَةِ سِنِّي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قُبِضَ فِي حِجْرِي، فَوَضَعْتُ رَأْسَهُ عَلَى وِسَادَةٍ، وَقُمْتُ أَلْتَدِمُ مَعَ النِّسَاءِ وَأَضْرِبُ وَجْهِي.

«وَلَمَّا اشْتَدَّ بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَجَعُهُ، وَنَزَلَ بِهِ الْمَوْتُ - جَعَلَ يَأْخُذُ الْمَاءَ بِيَدِهِ وَيَجْعَلُهُ عَلَى وَجْهِهِ، وَيَقُولُ: وَاكَرْبَاهُ! فَتَقُولُ فَاطِمَةُ: وَاكَرْبِي لِكَرْبِكَ يَا أَبَتِي! فَيَقُولُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا كَرْبَ عَلَى أَبِيكِ بَعْدَ الْيَوْمِ. فَلَمَّا رَأَى شِدَّةَ جَزَعِهَا اسْتَدْنَاهَا وَسَارَّهَا، فَبَكَتْ، ثُمَّ سَارَّهَا فَضَحِكَتْ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَأَلَتْهَا عَائِشَةُ عَنْ ذَلِكَ، قَالَتْ: أَخْبَرَنِي أَنَّهُ مَيِّتٌ، فَبَكَيْتُ، ثُمَّ أَخْبَرَنِي أَنِّي أَوَّلُ أَهْلِهِ لُحُوقًا بِهِ، فَضَحِكْتُ» .

وَرُوِيَ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ: ثُمَّ سَارَّنِي الثَّانِيَةَ، وَأَخْبَرَنِي أَنِّي سَيِّدَةُ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَضَحِكْتُ.

وَكَانَ مَوْتُهُ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ لِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ لَيْلَةً خَلَتْ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، وَدُفِنَ مِنَ الْغَدِ نِصْفَ النَّهَارِ، وَقِيلَ: مَاتَ نِصْفَ النَّهَارِ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ، لِلَيْلَتَيْنِ بَقِيَتَا مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ.

وَلَمَّا تُوُفِّيَ كَانَ أَبُو بَكْرٍ بِمَنْزِلِهِ بِالسُّنْحِ، وَعُمَرُ حَاضِرٌ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ قَامَ عُمَرُ فَقَالَ: إِنَّ رِجَالًا مِنَ الْمُنَافِقِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تُوُفِّيَ، وَإِنَّهُ وَاللَّهِ مَا مَاتَ، وَلَكِنَّهُ ذَهَبَ إِلَى رَبِّهِ كَمَا ذَهَبَ مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ، وَاللَّهِ لَيَرْجِعَنَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَيَقْطَعَنَّ أَيْدِي

<<  <  ج: ص:  >  >>