حَدَّثَ عَمْرُو بْنُ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ أَبِي أَسِيدِ بْنِ أَبِي جَارِيَةَ الثَّقَفِيُّ أَنَّ كَعْبًا قَالَ لِأَبِي هُرَيْرَةَ: أَلَا أُخْبِرُكَ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ؟ قَالَ: بَلَى. قَالَ كَعْبٌ: لَمَّا رَأَى إِبْرَاهِيمُ ذَبْحَ إِسْحَاقَ قَالَ الشَّيْطَانُ: وَاللَّهِ لَئِنْ لَمْ أَفْتَتِنْ أَحَدًا مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ أَبَدًا، فَتَمَثَّلَ رَجُلًا يَعْرِفُونَهُ فَأَقْبَلَ حَتَّى إِذَا خَرَجَ إِبْرَاهِيمُ بِإِسْحَاقَ لِيَذْبَحَهُ دَخَلَ عَلَى سَارَةَ امْرَأَةِ إِبْرَاهِيمَ، فَقَالَ لَهَا: أَيْنَ أَصْبَحَ إِبْرَاهِيمُ غَادِيًا بِإِسْحَاقَ؟ قَالَتْ: لِبَعْضِ حَاجَتِهِ. قَالَ: لَا وَاللَّهِ إِنَّمَا غَدَا بِهِ لِيَذْبَحَهُ! قَالَتْ سَارَةُ: لَمْ يَكُنْ لِيَذْبَحَ وَلَدَهُ. قَالَ الشَّيْطَانُ: بَلَى وَاللَّهِ لِأَنَّهُ زَعَمَ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَمَرَهُ بِذَلِكَ. قَالَتْ سَارَةُ: فَهَذَا أَحْسَنُ أَنْ يُطِيعَ رَبَّهُ. ثُمَّ خَرَجَ الشَّيْطَانُ، فَأَدْرَكَ إِسْحَاقَ وَهُوَ مَعَ أَبِيهِ، فَقَالَ لَهُ: إِنَّ إِبْرَاهِيمَ يُرِيدُ أَنْ يَذْبَحَكَ. قَالَ إِسْحَاقُ: مَا كَانَ لِيَفْعَلَ. قَالَ: بَلَى وَاللَّهِ إِنَّهُ زَعَمَ أَنَّ رَبَّهُ أَمَرَ بِذَلِكَ. قَالَ إِسْحَاقُ: فَوَاللَّهِ لَئِنْ أَمَرَهُ رَبُّهُ بِذَلِكَ لَيُطِيعَنَّهُ! فَتَرَكَهُ وَلَحِقَ إِبْرَاهِيمَ، فَقَالَ: أَيْنَ أَصْبَحْتَ غَادِيًا بِابْنِكَ؟ قَالَ: لِبَعْضِ حَاجَتِي. قَالَ: لَا وَاللَّهِ إِنَّمَا تُرِيدُ ذَبْحَهُ! قَالَ: وَلِمَ؟ قَالَ: لِأَنَّكَ زَعَمْتَ أَنَّ اللَّهَ أَمَرَ بِذَلِكَ. قَالَ إِبْرَاهِيمُ: فَوَاللَّهِ إِنْ كَانَ اللَّهُ أَمَرَنِي بِذَلِكَ لَأَفْعَلَنَّ.
فَلَمَّا أَخَذَ إِبْرَاهِيمُ إِسْحَاقَ لِيَذْبَحَهُ أَعْفَاهُ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ، وَفَدَاهُ بِذَبْحٍ عَظِيمٍ، وَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى إِسْحَاقَ: إِنِّي مُعْطِيكَ دَعْوَةً أَسْتَجِيبُ لَكَ فِيهَا. قَالَ إِسْحَاقُ: اللَّهُمَّ فَأَيُّمَا عَبْدٍ لَقِيَكَ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ لَا يُشْرِكُ بِكَ شَيْئًا فَأَدْخِلْهُ الْجَنَّةَ.
قَالَ عُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ: قَالَ مُوسَى: يَا رَبِّ يَقُولُونَ يَا إِلَهَ إِبْرَاهِيمَ، وَإِسْحَاقَ، وَيَعْقُوبَ، فَبِمَ نَالُوا ذَلِكَ؟ قَالَ: إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَمْ يَعْدِلْ بِي شَيْئًا قَطُّ إِلَّا اخْتَارَنِي، وَإِنَّ إِسْحَاقَ جَادَ لِي بِالذَّبْحِ وَهُوَ بِغَيْرِ ذَلِكَ أَجْوَدُ، وَإِنَّ يَعْقُوبَ كُلَمَّا زِدْتُهُ بَلَاءً زَادَنِي حُسْنَ ظَنٍّ بِي.
(أَسِيدٌ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ، وَكَسْرِ السِّينِ. وَجَارِيَةُ بِالْجِيمِ) .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ إِنَّ الذَّبِيحَ إِسْمَاعِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ
رَوَى سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَيُوسُفُ بْنُ مِهْرَانَ، وَالشَّعْبِيُّ، وَمُجَاهِدٌ، وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ كُلُّهُمْ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ الذَّبِيحَ إِسْمَاعِيلُ، وَقَالَ: زَعَمَتِ الْيَهُودُ أَنَّهُ إِسْحَاقُ، وَكَذَبَتِ الْيَهُودُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute