مِنْ أَهْلِ السَّوَادِ، فَلَمْ يَصِلِ الْكِتَابُ إِلَى عُمَرَ حَتَّى كَفَرَ أَهْلُ السَّوَادِ مَنْ كَانَ لَهُ عَهْدٌ وَمَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَهْدٌ، فَخَرَجَ الْمُثَنَّى حَتَّى نَزَلَ بِذِي قَارٍ، وَنَزَلَ النَّاسُ بِالطَّفِّ فِي عَسْكَرٍ وَاحِدٍ. وَلَمَّا وَصَلَ كِتَابُ الْمُثَنَّى إِلَى عُمَرَ قَالَ: وَاللَّهِ لَأَضْرِبَنَّ مُلُوكَ الْعَجَمِ بِمُلُوكِ الْعَرَبِ! فَلَمْ يَدَعْ رَئِيسًا وَلَا ذَا رَأْيٍ وَذَا شَرَفٍ وَبَسْطَةٍ وَلَا خَطِيبًا وَلَا شَاعِرًا إِلَّا رَمَاهُمْ بِهِ، فَرَمَاهُمْ بِوُجُوهِ النَّاسِ وَغُرَرِهِمْ. وَكَتَبَ عُمَرُ إِلَى الْمُثَنَّى وَمَنْ مَعَهُ يَأْمُرُهُمْ بِالْخُرُوجِ مِنْ بَيْنِ الْعَجَمِ وَالتَّفَرُّقِ فِي الْمِيَاهِ الَّتِي تَلِي الْعَجَمِ، وَأَنْ لَا يَدَعُوا فِي رَبِيعَةَ وَمُضَرَ وَحُلَفَائِهِمْ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ النَّجْدَاتِ وَلَا فَارِسًا إِلَّا أَحْضَرُوهُ إِمَّا طَوْعًا أَوْ كُرْهًا. وَنَزَلَ النَّاسُ بِالْجُلِّ وَشَرَافَ إِلَى غُضَيٍّ، وَهُوَ جَبَلُ الْبَصْرَةِ، وَبِسَلْمَانَ، بَعْضُهُمْ يَنْظُرُ إِلَى بَعْضٍ، وَيُغِيثُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَذَلِكَ فِي ذِي الْقِعْدَةِ سَنَةَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ.
وَأَرْسَلَ عُمَرُ فِي ذِي الْحَجَّةِ مِنَ السَّنَةِ مُخْرَجَهُ إِلَى الْحَجِّ إِلَى عُمَّالِهِ عَلَى الْعَرَبِ أَنْ لَا يَدَعُوا مَنْ لَهُ نَجْدَةٌ أَوْ فَرَسٌ أَوْ سِلَاحٌ أَوْ رَأْيٌ إِلَّا وَجَّهُوهُ إِلَيْهِ، فَأَمَّا مَنْ كَانَ عَلَى النِّصْفِ مَا بَيْنَ الْمَدِينَةِ وَالْعِرَاقِ فَجَاءَ إِلَيْهِ بِالْمَدِينَةِ لَمَّا عَادَ مِنَ الْحَجِّ، وَأَمَّا مَنْ كَانَ أَقْرَبَ إِلَى الْعِرَاقِ فَانْضَمَّ إِلَى الْمُثَنَّى بْنِ حَارِثَةَ، وَجَاءَتْ أَمْدَادُ الْعَرَبِ إِلَى عُمَرَ.
وَحَجَّ فِي هَذِهِ السَّنَةِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بِالنَّاسِ، وَحَجَّ سِنِيهِ كُلَّهَا.
وَكَانَ عَامِلُ عُمَرَ عَلَى مَكَّةَ هَذِهِ السَّنَةَ عَتَّابُ بْنُ أَسِيدٍ فِيمَا قَالَ بَعْضُهُمْ، وَعَلَى الطَّائِفِ عُثْمَانُ بْنُ أَبِي الْعَاصِ، وَعَلَى الْيَمَنِ يَعْلَى بْنُ مُنْيَةَ، وَعَلَى عُمَانَ وَالْيَمَامَةِ حُذَيْفَةُ بْنُ مِحْصَنٍ، وَعَلَى الْبَحْرَيْنِ الْعَلَاءُ بْنُ الْحَضْرَمِيِّ، وَعَلَى الشَّامِ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ، وَعَلَى فَرْجِ الْكُوفَةِ وَمَا فُتِحَ مِنْ أَرْضِهَا الْمُثَنَّى بْنُ حَارِثَةَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute