للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُسْلِمِينَ فَلَهُمْ مَا وَرَاءَهُمْ، وَإِنْ كَانَتِ الْأُخْرَى رَجَعُوا إِلَى فِئَةٍ ثُمَّ يَكُونُوا أَعْلَمَ بِسَبِيلِهِمْ، وَأَجْرَأَ عَلَى أَرْضِهِمْ، إِلَى أَنْ يَرُدَّ اللَّهُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ. فَتَرَحَّمَ سَعْدٌ وَمَنْ مَعَهُ عَلَى الْمُثَنَّى، وَجَعَلَ الْمُعَنَّى عَلَى عَمَلِهِ وَأَوْصَى بِأَهْلِ بَيْتِهِ خَيْرًا، ثُمَّ تَزَوَّجَ سَعْدٌ سَلْمَى زَوْجَ الْمُثَنَّى، وَكَانَ مَعَهُ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ بَدْرِيًّا، وَثَلَاثُمِائَةٍ وَبِضْعَةَ عَشَرَ مِمَّنْ كَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ فِيمَا بَيْنَ بَيْعَةِ الرِّضْوَانِ إِلَى مَا فَوْقَ ذَلِكَ، وَثَلَاثُمِائَةٍ مِمَّنْ شَهِدَ الْفَتْحَ، وَسَبْعُمِائَةٍ مِنْ أَبْنَاءِ الصَّحَابَةِ.

وَقَدِمَ عَلَى سَعْدٍ كِتَابُ عُمَرَ بِمِثْلِ رَأْيِ الْمُثَنَّى، وَكَتَبَ عُمَرُ أَيْضًا إِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ لِيَصْرِفَ أَهْلَ الْعِرَاقِ وَمَنِ اخْتَارَ أَنْ يَلْحَقَ بِهِمْ إِلَى الْعِرَاقِ. وَكَانَ لِلْفُرْسِ رَابِطَةٌ بِقَصْرِ ابْنِ مُقَاتِلٍ، عَلَيْهَا النُّعْمَانُ بْنُ قَبِيصَةَ الطَّائِيُّ، وَهُوَ ابْنُ عَمِّ قَبِيصَةَ بْنِ إِيَاسٍ صَاحِبِ الْحِيرَةِ، فَلَمَّا سَمِعَ بِمَجِيءِ سَعْدٍ سَأَلَ عَنْهُ وَعِنْدَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سِنَانِ بْنِ خُزَيْمٍ الْأَسَدِيُّ، فَقِيلَ: رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ، فَقَالَ: وَاللَّهِ لَأُحَادَّنَّهُ الْقِتَالَ، فَإِنَّ قُرَيْشًا عَبِيدُ مَنْ غَلَبَ، وَاللَّهِ لَا يَخْرُجُونَ مِنْ بِلَادِهِمْ إِلَّا بِخُفَّيْنِ! فَغَضِبَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سِنَانٍ مِنْ قَوْلِهِ وَأَمْهَلَهُ حَتَّى دَخَلَ قُبَّتَهُ فَقَتَلَهُ، وَلَحِقَ بِسَعْدٍ وَأَسْلَمَ.

وَسَارَ سَعْدٌ مِنْ شَرَافَ فَنَزَلَ الْعُذَيْبَ، ثُمَّ سَارَ حَتَّى نَزَلَ الْقَادِسِيَّةَ بَيْنَ الْعَتِيقِ وَالْخَنْدَقِ بِحِيَالِ الْقَنْطَرَةِ، وَقُدَيْسٍ أَسْفَلَ مِنْهَا بِمِيلٍ.

وَكَتَبَ عُمَرُ إِلَى سَعْدٍ: إِنِّي أُلْقِيَ فِي رُوعِي أَنَّكُمْ إِذَا لَقِيتُمُ الْعَدُوَّ هَزَمْتُمُوهُمْ، فَمَتَى لَاعَبَ أَحَدٌ مِنْكُمْ أَحَدًا مِنَ الْعَجَمِ بِأَمَانٍ أَوْ بِإِشَارَةٍ أَوْ بِلِسَانٍ كَانَ عِنْدَهُمْ أَمَانًا - فَأَجْرُوا لَهُ ذَلِكَ مَجْرَى الْأَمَانِ وَالْوَفَاءِ؛ فَإِنَّ الْخَطَأَ بِالْوَفَاءِ بَقِيَّةٌ، وَإِنَّ الْخَطَأَ بِالْغَدْرِ هَلَكَةٌ، وَفِيهَا وَهْنُكُمْ وَقُوَّةُ عَدُوِّكُمْ، فَلَمَّا نَزَلَ زُهْرَةُ فِي الْمُقَدِّمَةِ وَأَمْسَى بَعَثَ سَرِيَّةً فِي ثَلَاثِينَ مَعْرُوفِينَ بِالنَّجْدَةِ، وَأَمَرَهُمْ بِالْغَارَةِ عَلَى الْحِيرَةِ، فَلَمَّا جَازُوا السَّيْلَحِينَ سَمِعُوا جَلَبَةً، فَمَكَثُوا حَتَّى حَاذُوهُمْ، وَإِذَا أُخْتُ آزَادُمَرْدَ بْنِ آزَاذَبَهْ مَرْزُبَانِ الْحِيرَةِ تُزَفُّ إِلَى صَاحِبِ الصِّنَّيْنِ، وَهُوَ مِنْ أَشْرَافِ الْعَجَمِ، فَحَمَلَ بُكَيْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ اللَّيْثِيُّ أَمِيرُ السَّرِيَّةِ عَلَى شِيرَزَادَ بْنِ آزَاذَبَهْ فَدَقَّ صُلْبَهُ، وَطَارَتِ الْخَيْلُ عَلَى وُجُوهِهَا، وَأَخَذُوا الْأَثْقَالَ وَابْنَةَ آزَاذَبَهْ فِي ثَلَاثِينَ امْرَأً مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>