للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَكَازٌ، ولم يجزم الإمام به هكذا، ولكن أشار إلى خلاف فيه، والذي ذكره القَفَّالُ والعراقيون، أن ما يوجد فيه لَيْسَ بِرَكَازٍ، وإنما هو لُقَطَةٌ، والحديث الذي رويناه صريح فيه. وما يوجد في المسجد، ذكر في "التهذيب" أنه لُقَطَة كالموجود في الطَّرِيق، وقياس المذكور في الكتاب أن يكون رَكَازاً.

وما عدا هذه المَوَاضِع يُنْقَسِم إلى مَمْلُوك، ومَوْقُوفِ.

والمملوك إما أن يكون له، أو لغيره، فَإِنْ كان لغيره ووجد فيه كَنْزٌ لم يملكه الواجد، بل إن ادعاه مالكه فهو فله بلا يمين، كالأمتعة في الدَّارِ وإلاّ فهو لمن تلقى صاحب الأرض منه وهكذا إلى أن ينتهي إلى الذي أحيا الأرض، فيكون له، وإن لم يَدَّعِهِ؛ لأنه بالإحياء مَلَكَ ما في الأرض، وبالبيع لم يزل ملكه عنه، فإنه مدفون منقول، فإن كان المحيى، أو من تلقى الملك عنه هالكاً فَوَرَثَتُهُ قَائِمُونَ مَقَامَه، فإن قال بعض ورثته من تَلَقَّى المِلْك عنه هو لمورثنا، وأياه بعضُهم سُلِّم نَصِيبُ المُدَّعِي إليه، وسلك بالباقي ما ذكرنا هذا كله كلام الأئمة -رحمهم الله- صريحاً وإشارةً، ومن المصرحين بملك الركاز بإحياء الأرض القَفَّالُ، ذكره في "شرح التلخيص"، ورأى الإمام تخريج ملك الكَنْز بإحياء الأرض على ما لو دخلت ظبية دارًا بالإحياء، فأغلق صاحبها الباب وِفَاقاً لا على قَصْدِ ضبطها قال: وفيه وجهان:

أظهرهما: أنه لا يملكها لِعَدَمِ الْقَصْدِ، ولكن يصير أولى بها، كذلك المحيي يصير أولى بالكَنْز، ثم قال: إنه يملك الكَنْزَ بِالإحْيَاءِ، وزالت رَقَبَةُ الأَرْضِ عَنْ مِلْكِهِ فلا بد مِنْ طَلَبِهِ، وَرَدِّه إليه. وإن قلنا: إنه لا يَمْلِكه ولَكِن يَصِيرُ أَوْلَى بهِ، فَلاَ يَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ: إِذَا زَالَ مِلْكُه عَنْ رَقَبَةِ الأَرْضِ بَطَلَ اخْتِصَاصُهُ، كما أن في مسألةَ الظبية إذا قلنا: إنه لا يَمْلِكهَا، فلو فَتَحَ الباب وأفَلتت يَمْلِكُها من اصْطَادَهَا، إذا عرفت ذَلِك وأردت التَّفْريع فلك أن تَقُول: إن قلنَا: المُحْيي لاَ يَمْلِكُهُ بِالإحْيَاء، فَإذَا دَخَلَ فِي مِلْكِهِ أَخْرَجَ الخُمُس، وَإنْ قُلنَا: يَمْلِكُهُ بِالإحْيَاء فَإذَا احْتَوَتْ يَدُه عَلَى الْكَنزِ نَفْسِهِ وَقَدْ مَضَى سِنُون فَلاَ بُدَّ مِنْ إِخْرَاج الخُمُس الَّذِي لَزِمَه يَوْمَ مَلَكَهُ وَفِيمَا مَضَى من السِّنين يَبْنِي وُجُوب ربع العُشر في الأَخْمَاس الأَرْبَعة عَلَى الخِلاَف في الضَّالِ والمغصُوب، وفي الخمس كذلك إن قلنا: لا تتعلق الزَّكَاةُ بِالْعَيْن وَإِنْ قُلْنَا: تتعلق فعلى ما ذَكَرْنَا فَيما إِذَا لَمْ يَمْلِكْ إِلاَّ نِصَاباً وتَكَرَّرَ الْحَوْلُ عَلَيْهِ -وَالله أعلم-.

وَإِنْ كان الوضع للواجد نظر، إن كان قد أحياه فَالَّذِي وَجَدِه رَكَاز وَعَلَيْه خُمُسُهُ، وَفِي وَقْتِ دُخُولِهِ فِي مِلْكِهِ مَا سَبَق، وقد حكى في الْكِتَاب فِي هَذِهِ الحَالَةِ وجهين على مَا ذَكَرَهُ الإمَامُ، وإن انْتَقَلَ إليه من غيره لم يَحِل له أخْذُه، بل عليه عرضه على من يَمْلِكه، وهَكَذا حَتَّى يَنْتَهِي الْمِلْكُ إِلَى المُحْيِي كَمَا سَبَقَ، وإن كان المَوْضِع موقوفاً

<<  <  ج: ص:  >  >>