للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني: غيره وهو إما لازم في حال الرَّهْن أو غيره.

والأول: يصح الرَّهْن به سواء كان موصوفاً بحالة الجواز أو لم يكن، وسواء كان مستقرّاً كَالقَرْض وَأرْش الجِنَاية، أو ثمن المبيع المقبوض أو غير مستقر، كالثمن قبل قبض المبيع والأجرة قبل استيفاء المنفعة، والصداق قبل الدخول.

وأما الثَّاني فينظر إنْ كان الأصل في وصفه اللزوم، كالثمن في مدة الخِيَار صحَّ الرَّهْن به أيضاً لقرب حاله من اللُّزُوم وأيضاً فإنَّ شرط الرَّهْن في البَيْع جائز، مع أن الثمن غير ثابت بعد فهاهنا أولى قال الإمام: وهذا يتفرَّع على أنَّ الخِيَار لا يمنع نقل المِلْك في الثمن إلى البائع، وأما إذا جعلناه مانعاً، فالظاهر منع الرَّهْن لوقوعه قبل ثبوت الدَّيْن، ولا شك في أنه لا يباع المرهون في الثمن، ما لم تمض مدة الخِيَار، وإنْ كان الأصل في وصفه الجواز، كالجُعْل في الجعَالَة فوجهان:

أحدهما: يصح الرَّهْن به لانتهاء الأمر فيه إلى اللّزوم كالثمن في مدة الخيار.

وأصحهما: المنع؛ لأن الموجب للجُعْل هو العمل، وبه يتم الموجب فكأنه، لا ثبوت له قبل العمل، وموضع الوجهين ما بعد الشروع في العمل وقبل تمامه.

أما التقييد بما بعد الشروع؛ فلأنه لا ثبوت للجُعْل قبل الشروع بحال، وكيف يتخيل ذلك وليس ثم مستحق معين؟

وأما التَّقييد بما قبل التَّمَام؛ فلان الجُعْل بعده لازم، ثم لبان أن يبني الوجهين على الوجهين في جواز رجوع المالك بعد الشّروع في العمل، ويقول إنْ لم نجوّز الرجوع، فقد لزم الجُعْل من قبله فيصح الرَّهْن به، فإنْ لم يصح الرَّهْن به (١)، والرهن يعوض المسابقة ينبني على أنها إجارة أو جعَالة. إن قلنا بالأوَّل فالرَّهْن به كالرَّهْن بالأُجْرة.

وإنْ قلنا بالثاني فهو كالرَّهْن بالجُعْل.

فرع: يجوز الرَّهْن بالمنافع المستحقْة بالإجارة، إنْ وردت على الذِّمَّة، وتباع عند الحاجة وتحصل المَنْفَعَة من ثمنه، وإن كانت إِجَارة عَيْن، لم يجز لفوات الشَّرْط الأول.

فرع: لا يجوز رَهْنُ الملاك بالزَّكَاة، ولا العَاقِلَة بالدِّيَة قبل تمام الحَوْل، لفوات الشَّرْط الثَّاني ويجوز بعده.


(١) قال النووي: هذا الذي جزم به الإمام الرافعي هو الصواب، لكن ظاهر كلام كثيرين من الأصحاب، أو أكثرهم، إجراء الوجهين قبل الشروع في العمل، لا سيما عبارة "الوسيط" وتعليله. ينظر روضة الطالبين ٣/ ٢٩٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>