للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنْ قلنا بالأول فكأنهما فَكَّا الرِّهان واستأنفا. وإنْ قلنا بالثاني، ففيه القولان، وعلى هذا الأصل خرجوا الخلاف، فيما إذا كان على الشجرة ثمرة غير مُؤَبَّرة، فباعها واستثنى الثِّمَار لنفسه، هل يحتاج إلى شرط القطع وقد سبق؟

ولو اعترف الراهن بأن المرهون مرهون بعشرين، ثم ادَّعى أنه رهن أولاً بعشرة، ثم رهن بعشرة أخرى ونازعه المرتهن، فإن فرعنا على القديم فلا ثمرة لهذا الاختلاف.

وإن قلنا بالجديد، فالقول قول المرتهن مع يمينه؛ لأن اعتراف الرَّاهن يقوي جانبه ظاهراً، ولو قال المرتهن في جوابه: فسخنا الرَّهْن الأول واستأنفنا بالعشرين رهناً، فالقول قول المرتهن لاعتضاد جانبه بإقرار صاحبه، أو قول الراهن لأن الأصل عدم الفسخ، فيه وجهان ميل الصَّيْدَلاَني إلى أولهما.

والأصح عند صاحب "التهذيب": الثاني، ورتب عليه فقال: لو شهد شاهدان أنه رهن بألف ثم بألفين، فلا يحكم بأنه رهن بألفين، إذ لم يصرح الشُّهود بأنَّ الثَّاني كان بعد فسخ الأول.

ولو رهنه بعشرة ثم استقرض عشرة أخرى، ليكون رهناً بهما وأشهد شاهدين أنه مرهون بالعشرين، فإن لم يعلم الشاهدان كيفية الحال، شهدا بما سمعا وحكم الحاكم بأنه مرهون بالعشرين، نعم لو قال عند الإشهاد: كان مرهوناً بعشرة فجعلته رهناً بعشرين، ونقل الشاهدان ما سمعاه، فهل يحكم بكونه رهناً بالعشرين إذا كان الحاكم ممن يذهب إلى القول الجديد؟

حكى الإمام عن صاحب التقريب فيه وجهين.

وإنْ عرفا كيفية الحال نظر إنْ كانا يعتقدان جواز الإلحاق، فهل لهما أنْ يشهدا بأنه مرهون بالعِشْرين، أو يشهدان بما عليه الأمر في الباطن؟

فيه وجهان، وإنْ كانا يعتقدان امتناع الإِلْحَاق لم يشهدا إِلاَّ بما جرى في الباطن وفيه شيء بعيد، وهذا التفصيل فيما إذا كانا يشهدان على نفس الرَّهْن، وفيه صوّر الجمهور. أما إذا كانا يشهدان على إقرار الرَّهْن فالوجه تجويزه مطلقاً (١).

قال الغزالي: الرُّكْنُ الثَّالِثُ الصِّيغَةُ، وَلاَ يَخْفَى اشْتِرَاطُ الإِيجَابِ وَالقَبُولِ فِيهِ،


(١) قال النووي: كذا أطلق الجمهور هذا التفصيل، وقال صاحب "الحاوي": إن كان الشاهدان مجتهدين، ففيه التفصيل، وإن كانا غير مجتهدين، لم يجز مطلقاً، ولزمهما شرح الحال. ولو مات وعليه دين مستغرق، فرهن الوارث التركة عند صاحب الدَّين على شيء آخر أيضاً، ففي صحته الوجهان بناء على القولين. ينظر الروضة ٣/ ٣٠٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>