للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكُلُّ شَرْطٍ قُرِنَ بِهِ مِمَّا يُوَافِقُ مُقْتَضَى مُطْلَقِهِ، أَوْ لاَ يَتَعَلَّقُ بِهِ غرَضٌ أَصْلاً فَلاَ يَقْدَحُ، وَمَا بِغَيْرِ مُوجِبِهِ كَشَرْطِ المَنْعِ مِنْ بَيْعِهِ فِي حَقِّهِ فَهُوَ مُفْسِدٌ، وَمَا لاَ يُغَيِّرُ مُطْلَقَهُ وَلَكِنْ يَتَعَلَّقُ بِهِ غرَضٌ كَقَوْلهِ: بِشَرْطِ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهِ المُرْتَهِنُ فَقَوْلاَنِ فِي فَسَادِ الرَّهْنِ.

قال الرَّافِعِيُّ: الإيجاب والقبول مُعْتَبران في الرَّهْن اعتبارهما في البيع، والخلاف في المُعَاطَاةِ (١)، والاسْتِيجاب والإيجاب عائد بِرُمَّتِهِ هاهنا.

ثم اعلم أن الرَّهْن ينقسم إلى ما شرط في عَقْد كما لو باع، أو أجّر بشرط الرَّهْن بالثمن أو الأجرة، أو أْسلم بشرط الرَّهْن بالمسلم فيه، أو نكح بشرط الرَّهْن بالصَّدَاق، وإلى ما لا يشترط ويسمى رَهْن التَّبرع، والرَّهْن المبتدأ في القِسْمِ الأول إذا قال: بعتك داري بكذا على أن ترهنني به عبدك، فقال: اشتريت ورهنت، فقد قدمنا خلافاً في أنه يتم الرَّهْن أم لا بد، وأن يقول بعد: ارتهنت فعلى الأول يقوم الشرط مقام القبول كما يقوم الاسْتِيْجَاب مقامه.

ويجوز أن يعلّم قوله في الكتاب: "اشتراط الإيجاب والقبول" بالواو للخلاف المذكور في المُعَاطَاة، ولما حكيناه عن الجُرْجَانِيَّاتِ أن التشارط يغني عن الإيجاب والقبول، ثم يتعلّق بالصِّيغة مسائل يشتمل الفصل على واحدة منها، وهي أَنَّ الشروط في الرَّهْن على ضربين:

أحدهما: ما هو من قضايا الرَّهْن، فلا يضر التعرض له لا في رهن التبرع، ولا في الرَّهْن المشروط في العقد، وإنما هو تصريح بِمُقْتَضَى الرَّهْن، وذلك كقوله: على أن يباع في دينك وقت الحاجة، أو يتقدم به عند تزاحم الغرماء، أو لا أبيعه إلا بإذنك.

والثاني: ما ليس من قضاياه، وهو الذي يتعلّق بمصلحة العَقْد كالإشْهَاد، أو الَّذِي لا يتعلق به غرض كقوله: "بشرط أن لا يأكل إلاَّ الهَرِيْسَة"، والحكم فيها على ما سبق في البيع. وأما غيرهما فهو على نوعين:

أحدهما: ما ينفع المُرْتهن ويضرّ الراهن، كما إذا رهن عبداً بشرط أن يرهن منه غيره، أو بشرط أنْ لا ينفك الرَّهْن بعد أداء الدَّيْن شهراً، أو يكون منافع المرهون أو زوائده مملوكة للمرتهن فالشرط فاسد، ثم أَنْ كان الرَّهْن رهن تبرع فقولان:

أصحهما: أنه فاسد أيضاً، لما فيه من تغيير قضية العقد.

والثَّاني، وبه قال أبو حنيفة: أنه لا يفسد؛ لأن الرَّهْن تبرع من الراهن، وهذا


(١) وصورة المعاطاة هنا كما ذكره المتولي أن يقول له أقرضني عشرة لأعطيك ثوبي هذا رهناً، فيعطى العشرة ويقبضه الثوب.

<<  <  ج: ص:  >  >>