للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأَصَحُّ: الجوازُ، إذا جَرَى ذلك بعد القبض، ولو ضَمِن رجل العهدة للمستأجر، ففي الفتاوَى: أنَّهُ يصحُّ، ويرجع علَيْه عنْد ظهور الاستحقاق. وعن ابن سُرَيْجْ أنَّهُ لا يصحُّ ضمانُ العُهْدة، وذكر شارح "المِفْتاح" أنَّهُ لو اكترى دابَّةً ليركبها إلى فرْسَخَيْن، لم يجز حتى يبين شرقاً أو غرباً، ثم إذا بَيَّنَ جهة، فأراد العُدُول إلَى غيرها، فللمكري منْعُه؛ لأن المعيَّن قد يختص بسهولة أو أمن وبتقدير تساويهما، فقَدْ يكون للمُكْرِي غرضٌ فيه، وهذا يخالِفُ ما تقدَّم، فلْيُجْعَلْ وجهاً مُلْحَقاٌ.

مؤخرة ثانية في مسائل: مِنْ شَرْطِ الباب الثاني:

إذا استأْجَرَ رَجُلاً؛ ليَعْمَل مَدَّةً، كان زمانُ الطَّهارةِ، والصلاةِ، وفرائِضِها وسُنِنها الرَّواتِبِ مستثنىً، فلا ينقص من الأجْرَةِ شيْءٌ، ولا فرْقَ بيْن صلاة الجمعة وغَيْرِها.

وعن ابْنِ سُرَيْج فيما رواه أبو الفَضْل بنُ عبْدَان: أنه يجوزُ له تَرْكُ الجمعة بهذا السَّبَب، والسُّبُوتُ (١) في استئجار اليهوديِّ تقع مستثناةٌ، إذا اطَّرَد عُرْفهم بذلك ذكره صَاحِبُ الكتاب في فتاويه (٢).

وفي "الزيادات" لأبِي عاصِمٍ العباديِّ أنه إذا أذا اسْتَأْجر حاضنة؛ لتعهُّدِ صبيِّ، فالدُّهْنُ على أبيه، فإن جرى عُرْفُ البلد بخلافه، فوجهان.

وأنَّه إذا استأْجر حمالاً لحمل شيء إلى داره، وهي ضيِّقَةُ الباب، هلْ علَيْه إدْخَاله الدار (٣)؟ فيه قولان للعُرْف، ولا يكلَّفُ أن يصْعَدَ به السطح.

وأنه إذا استأجر قَصَّاراً؛ لغَسْل ثيابٍ معلومةٍ، وحملها إلَيْه حمالٌ، فأجْرَتُه عَلَى من شرط من القصَّار والمالك، فإن لم يجُرِ شرطٌ، فعلى القَصَّار؛ لأنَّهُ من تمام الغسل.

وأنَّه لو استأجره لقطع أشجارٍ بقريةٍ، لم يجبْ عليه أجرة الذهاب، والمجيء لأنهما لَيْسَا من العمل.

وفي شرح "المفتاح" أنَّه لو اسْتَأْجر دابةً ليركبها، ويحمل عليها كذا مَنّاً، فركبها، وحمل علَيْها وأخذ في السَّيْر، فأراد المُكْري أنْ يعلِّق عليها مخلاة أو سفرة، إما من


(١) جمع سبت وهو يوم راحة اليهود وانقطاعهم عن المعيشة والاكتساب ينظر المعجم الوسيط ١/ ٤١٢ بتصرف.
(٢) إن أسلم في المدة كانت مستثناه، ونقل هذا الرافعي والنووي عن الغزالي في الفتاوى وخالفهم في ذاك القاضي أبو بكر الشاشي فقال: يجبر على العمل؛ لأن الاعتبار بشرعنا، وقد زال المانع بالإسلام، ويصلي الصلوات الخمس ولعل هذا أظهر من قول الغزالي رضي الله عنه. ذكر ذلك السبكي في شرحه لمنهاج النووي.
(٣) في د: الباب.

<<  <  ج: ص:  >  >>