للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في حقِّ الأخرى، وان سقطت المطالبة في الحال بوقوع الطلاق، وإنما لا يحصل الخلاص الكليُّ في حق الأخرى، لبقاء اليمين في حقها، واقتضاء اللفظ التَّكرار، فإذا راجَعَها عاد فيها الإيلاء، وحكى "صاحب الشامل" كلام ابن الحدَّاد في المسألة، ثم قال: ومِنَ الأصحاب -رحمهم الله- مَنْ قال: إنه يكون مُولِياً عنهما جميعاً، وهذا أصحُّ ولم يُفرِّق بين ما إذا عيَّن واحدةً بقلبه، وما إذا لم يعيِّن، ولا وجه لكونه مُوليًا عنْهما مع تعيين واحدة بالقلب بحال.

قَال الغَزَالِيُّ: وَلَوْ قَالَ لأَرْبَعِ نِسْوَةٍ: وَالله لاَ أُجَامِعُكُنَّ فَإِنْ جَامَعَ ثَلاَثًا صَارَ مُولِيًا عَنِ الرَّابِعَةِ* وَالكَفَّارَةُ تَجِبُ بِوَطْءِ الجَمِيعِ* وَبِوَطْءِ وَاحِدَةٍ يَقْرُبُ مِنَ الحِنْثِ وَلاَ يَحْنَثُ* وَالقُرْبُ مِنَ الحِنْثِ مَحْذُورٌ وَلَكِنَّهُ لاَ يَصِيرُ بِهِ مُوليًا عَلَى الجَدِيدِ* وَلَوْ قَالَ: وَاللهِ لاَ أُجَامِعُ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْكُنَّ فَهُوَ مُولٍ إِذْ يَلْزَمُهُ الكَفَّارَةُ بِوَطْءٍ أَيِّ وَاحِدَةٍ وَطِئَهَا* وَلَوْ قَالَ: وَاللهِ لاَ أُجَامِعُ وَاحِدَةً مِنْكُنَّ وَأَرَادَ لُزُومَ الكَفَّارَةِ بِوَطْءِ أَيِّ وَاحِدَةٍ كَانَتْ فَهُوَ مُولٍ* وَإِنْ أَرَادَ وَاحِدَةً مُبْهَمَةً فَهُوَ مُولٍ وَلَكِنْ لَهُ أَن يُعَيِّنَ وَاحِدَةً فيَخْتَصُّ الإِيلاَءُ بِهَا وَيَقُولُ: هِيَ الَّتي أَرَدتُّهَا وَأَنْشَأْتُ تَعْيِينَهَا عَنِ الإبْهَام* وَقِيلَ: إنَّهُ لاَ يَكُونُ مُوليًا لأَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ تَرْجُو أنْ لاَ تَكونَ هِيَ المعَيَّنَةَ* وَلَوْ أَطلَقَ اللَّفْظَ فَعَلَى أَيِّ الاحْتمَالَيْنِ يُحْمَلُ فِيهِ وَجْهَانِ* وَلَوْ قَالَ: لاَ أُجَامِعُكِ في السَّنَةِ إِلاَّ مَرَّةً وَاحِدَةً فَإذَا وَطِئَ مَرَّةً صَارَ مُوليًا إنْ بَقِيَ مِنَ السَّنَةِ زِيَادَةٌ عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ* وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: لاَ أُجَامِعُكِ إِلاَّ عَشْرَ مَرَّاتٍ أَوْ مِائَةً فَإذَا اسْتَوْفَى العَدَدَ صَارَ مُوليًا إنْ بَقِيَتِ المُدَّةُ.

قال الرَّافِعِيُّ: في الفَصْل مسألتان مبنيتان على أصل، وهو أنه قد تبيَّن في الباب أن المُوْليَ مَن علَّق بالوطء مانعًا منه مِن حنث في يمين أو عتق أو طلاق، فإذا كان الوطء بهذه المثابة، كان الشخص مُولِيًا، أما إذا لم يتعلَّق الحنث بالوطء، لكنه كان مقرباً من الحنث، فهل يكون مُولياً؟ فيه قولان:

أصحهما، وهو الجديد، وأحد قولَي القديم: لا؛ لأنه لا يتعلَّق به لزوم شيء، ولا يلحقه به ضرر.

والثاني، وهو الثاني من قولي القديم: نعم؛ لأن القُرْب من الحنث محذورٌ أيضاً، فأشبه ما إذا تعلَّق به نفسْ المحذور، إذا عُرِف ذلك، فالمسألة الأولى: إذا كانت تحته أربع نسوة، فقال: والله، لا أجامعكن، فالكلام فيما يَتعلَّق باليمين والحنث، ثم في الإيلاء أما الأوَّل، فلا يحْصُل الحنث، إلا بجماعهن جميعاً؛ لأن اليمين معقودةٌ على الكلِّ وإذا وَطئهن، لم يلْزَمْه إلا كفَّارة واحدةٌ؛ لأن اليمين واحدةٌ، ولو مات بعضهن

<<  <  ج: ص:  >  >>