للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني: قد تقدم أن (١) الأصل في الدية الإبل، وأطلقوا القول بوجوب جزء من (٢) الدّية إذا عرفنا قدر نُقْصَان القيمة، فأفهم ذلك أن الحكومة الواجبة تكون من جنس الإبل، ورأيته مصرحاً به لبعضهم، ثم الجراحة إما أن ترد على عضو له أرش مقدر أو على ما ليس له أرش مقدر فإن وردت على ماله أرش مقدر نظر إن لم يبلغ الحُكُومة أرش ذلك العضو وجبت، وإن بلغت أرشه نقص الحاكم منه شيئاً بالاجتهاد، ولأن بعضه مضمون بالأرش لو فات، فلا يجوز أن تكون الجناية عليه مَضْمُونة بما يضمن به العُضْو نفسه (٣) مع بقائه، فالجراحةُ على الأنملة العليا، وقلع الظفر، تنقص حكومتها عن أرْش الأنملة، قال أبو الفرج السرخسيُّ: والجراحةُ على الأنملة السفلَى لا تبلغ دية الأصبع، وعلى الوسطَى لا تبلُغُ ثلثَيْ (٤) دية الأصبع، ويشبه أن يريد بالجراحة على السفلَى ما إذا عمَّت الأنامل، حتَّى انتهت إلى السفلى، وبالجراحةِ على الوسطَى التي انتهتْ من العليا إلى الوسطى، دون أن تكونَ مخصوصَةً بالأنملة الواحدةَ، ولفظ الإِمام أنَّ الجنايةَ على الأصبع، إذا أتتْ عَلَى طولها، فحكومتها لا تبلغ دية الأصبع، والجراحةُ على الرأس لا تبلغُ حكومتُهَا أرْشَ الموضِّحة، وعلى البطن أرش الجائفة، وحكومة الجراحة على الكفِّ (٥) لا تبلغُ دية الأصابع الخمس، وكذا حكومة قَطْع الكفِّ التي لا أصبُعَ عليها، وكذا حكمُ القَدَمِ؛ فإنَّهما يتبعانِ الأصابعَ، وهلْ يجوز أن تبلغ حَكُومَةُ الكف ديَةُ أصبعٍ، واحدةٍ، فيه وجهان:

أظهرهما، عند الإِمام: المَنْعُ.

وأشبههما، وهو المذكور في الكتاب (٦) نعم؛ لأن غناها ومنفعتها؛ دفعاً واحتواء (٧) تزيد على منفعة الأصبع الواحدة، وهذا كما أن حكومَة اليَدِ الشلاَّء لا تبلغ دية اليد (٨) الصحيحة، ويجوز أن تبلغ دية الأصبع الواحدة، وأن تزاد عليها.

وإن كانت الجراحةُ عَلَى عضوٍ، ليس له أرش مقدَّر؛ كالظَّهْر، والكتف، والفخذ:


(١) سقط في ز.
(٢) سقط في ز.
(٣) في ز: تعيينه.
(٤) سقط في ز.
(٥) في أ: جراحة الكف.
(٦) قال الشيخ البلقيني: هذا مخالف لنص الشَّافعي -رضي الله عنه- في الأم في ترجمة تفريع القصاص فيما دون النفس من الأطراف. ولفظه: ولو كان أقطع أصبع فقطعت كفه اقتص من أربعة أصابع وأخذت له حكومة في كفه. قال: ولا أبلغ بحكومة كف دية أصبع لأنها تبع في الأصابع كلها وكلها مستوية فلا يكون أرشها كأرش واحدة منها. والمعتمد في ذلك نص صاحب المذهب. انتهى.
(٧) سقط في ز.
(٨) سقط في ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>