للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثانية: شهود الكتاب والحكم، لا بُدَّ من ظهور عدالتهم عنْد المكتوب إِليه، وهل يثبت عدالتهم بتعديل الكاتب إيَّاهم؟ فيه وجهان:

عن القفَّال الشاشي: نعم، للحاجة.

والأصح: المنع؛ لأنه تعديل قبل أداء الشهادة، ولأنه كتعديل المدَّعِي شهوده، ولأن الكتاب إِنما يثبت بقولهم، ولو ثبتت عدالتهم بالكتاب لثبتت عدالتهم بقولهم، والشاهدُ لا يزكي نفْسَه، والله أعلم.

قَالَ الغَزَالِيُّ: وَلْيُذْكَرْ فِي الْكِتَابِ اسْمُ المَحْكُومِ عَلَيْهِ وَاسْمُ أَبِيهَ وَجَدِّهِ وَحِلْيَتِهِ بِحَيْثُ يَتَمَيَّزُ بِهِ، وَإنْ ادَّعَى المَأْخُوذُ أَنَّ فِي البَلَدِ مَنْ يُشَارِكُهُ فِي تِلْكَ الصِّفَاتِ وَأَظْهَرَهُ انْصَرَفَ القَضَاءُ عَنْهُ، وَإِنْ أَنْكَرَ كَوْنَهُ مُسَمَّى بِذَلِكَ الاسْمِ حَلَفَ وانْصَرَفَ عَنْهُ القَضَاءُ، وَإنْ نَكَلَ حَلَفَ المُدَّعِي وَتَوَّجَهَ الحُكْمُ، فَإنْ لَمْ يَحْلِفْ عَلَى نَفْيِ الاسْمِ بَلْ عَلَى أنَّهُ لاَ يَلزَمُهُ شَيْءٌ لَمْ يُقْبَل، وَلَوْ قَصَّرَ القاضِي فَلَم يَكتُبْ إِلاَّ أَنِّي حَكَمْتُ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدِ فالحُكْمُ بَاطِلٌ حَتَّى لَوْ أَقَرَّ رَجُلٌ أَنَّهُ مُحَمَّدُ بْنُ أحْمَدَ وَأنَّهُ المَعْنِيُّ بِالكِتَابَ وَلَكِنَّهُ أَنْكَرَ الحَقَّ لا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ (و) بِالقَضَاءِ المُبْهَمِ فِي نَفْسِهِ، أَمَّا الكِتَابُ المُجَرَّدُ مِنْ غَيْرِ شَهَادَةٍ عَلَى الحُكْمِ فَلا أَثَرَ لَهُ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: ينبغي أن يثبت القاضي في الكتاب اسم المحكوم له والمحكوم عليه، وكنيتهما واسْم أبيهما وجدهما وحليتهما وصنعتهما وسكنهما وقبيلتهما؛ ليسهل التمييز، نعم، لو كان الرجلُ مشهورًا بعيد الصيت، وحصل الإعلام ببَعْض ما ذكرنا، اكتفى به، وإِذا أثبت الأوصاف، كما ذكرنا فحمل الكتاب إِلى المكتوب إِليه، والمقر الحاصل عنده في زعمه محكومًا عليه، نُظِرَ إِن شهد شهود الكتاب بالحكم على عينه أن القاضي الكاتب حكم عليه، طولب بالحَقِّ، وإِن لم يشهدوا عَلَى عينه، ولكن شهدوا على رجُلٍ موصوف بالصفات المذكورة في الكتاب، فأنكر المحضران ما في الكتاب اسمه ونسبه، فالقول قوله مع يمينه، وعلى المدعي إِقامة البينة عَلَى أنه اسْمُه ونسبه، فإن لم تكن بَيِّنة، ونكل المحضر، حلف المدَّعِي، وتوجَّه عليه الحكم، وإن قال: لا أحلف على أنه ليس اسمي ونسبي، ولكن أحلف عَلَى أنه لا يلزمني تسليم شَيْءٍ، إِليه، فالمذكور في الكتاب، وهو اختيار الإِمام أنه لا يقبل منْه اليمين هكذا، وحكينا عن الصيدلانيِّ القبول، كما لو ادعى عليه فرض، فأنكر، وأراد أن يَحْلِف عَلَى أنَّه لا يلزمه شيْء، فإنه يقبل، ثم فرقا بين المسألتَيْنِ بأنَّ مجرَّد الدعْوَى، ليس بحجة عليه، وهاهنا قامت البينة على المسمى بهذا الاسم، وذلك بوجه الحق عليه إن ثبت كونه مسمَّى بهذا الاسم، ولك أن تقول: حكينا في تنازع المتبايِعَيْنِ في قدم العيب وحدوثه أن البائع إِن

<<  <  ج: ص:  >  >>