للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فعل من خير فيجعله شافعًا. ومن الآداب أن يستسقى بالأكابر وأهل الصَّلاح، سيّما من أقارب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "اسْتَسْقَى عُمَرُ بِالْعَبَّاسِ (١)، وَمُعَاوِيةُ بِيَزِيدَ بْنِ الأَسْوَدِ" (٢) -رضي الله عنهم-.

قال الغزالي: وَيُصَلِّي بِهِم رَكْعَتَيْنِ كَصَلاَةِ العِيدِ وَيَقْرَأُ فِي إحْدَى الرَّكْعَتَينِ "إنَّا أَرْسَلْنَا نُوحاً".

قال الرافعي: قد روينا عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "صَلَّى رَكْعَتَيْنِ كَمَا يُصَلِّي الْعِيدَ" (٣).

وفي رواية: "صَنَعَ فِي الاسْتِسْقَاءِ مَا صَنَعَ فِي الْفِطْرِ وَالأَضْحَى" (٤).

فينبغي أن ينادي لها الصَّلاة جامعة، ويكبّر في الأولى سبع تكبيرات زائدة، وفي الثانية خمساً ويجهر فيهما بالقراءة، ويقرأ في الأولى سورة (ق)، وفي الثانية (اقْتَرَبَت) (٥). وعن بعض الأصحاب: أنه يقرأ في إحدى الركعتين (إنَّا أَرْسَلنَا) (٦) حكاه الصيدلاني وغيره، وهو المذكور في الكتاب، ولتكن تلك الركعة هي الثانية ويقرأ في الأولى (ق) رعاية لنظم السور، وهكذا حكاه في "التَّهذِيب"، ثم روى المحاملي عن لفظ الشّافعي -رضي الله عنه-: أنه يقرأ فيهما ما يقرأ في العيدين، وإن قرأ (إِنَّا أَرْسَلْنَا) كان حسنًا، وهذا يثسعر بأنه لا خلاف في المسألة، وإن كان سائغاً، ومن أثبت خلافاً في أن الأحبّ ماذا؟. وقال: الأصح: أنه يقرأ فيهما ما يقرأ في العيد، وعلى هذه الطريقة أعلم قوله: (إِنَّا أَرْسَلْنَا) بالواو، وسبب تعيين هذه السورة، أنها لائقة بالحال لما فيها من ذكر الاستسقاء، قال الله -تعالى جده-: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (١٠) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا} (٧) الآية.

وأما وقت إقامة هذه الصلاة فمنهم من قال: هي كصلاة العيد في الوقت؛ لأن النَّبي -صلى الله عليه وسلم-: "صَلاَّهَا فِي هذَا الْوَقْتِ" وهذا ما ذكره صاحب "التهذيب"، وحكاه الإمام عن الشيخ أبِي عَلِيٍّ واستغربه، وذكر الرُّوياني وآخرون: أن وقتها يبقى بعد الزَّوال ما لم يصل العصر، ولك أن تقول: قدمنا وجهين ذكرهما الأئمة في أنَّ صلاة الاسْتِسْقَاء هل تكره في أوقات الكراهية أم لا؟ ومعلوم أَنَّ الأوقات المكروهة غير داخلة في وقت صلاة


(١) أخرجه البخاري (١٠١٠، ٣٧١٠).
(٢) أخرجلى أبو زرعة في تاريخ دمشق. انظر الإرواء (٣/ ١٣٩).
(٣) تقدم.
(٤) تقدم.
(٥) سورة القمر، الآية ١.
(٦) سورة نوح، الآية ١.
(٧) سورة نوح، الآيتان ١٠، ١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>