ذِكْرُ فَتْحِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَهُوَ إِيلِيَاءُ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ فُتِحَ بَيْتُ الْمَقْدِسِ، وَقِيلَ: سَنَةَ سِتَّ عَشْرَةَ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ.
وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا دَخَلَ أَرْطَبُونُ إِيلِيَاءَ، فَتَحَ عَمْرٌو غَزَّةَ، وَقِيلَ: كَانَ فَتْحُهَا فِي خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ، ثُمَّ فَتَحَ سَبَسْطِيَةَ، وَفِيهَا قَبْرُ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّاءَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَفَتَحَ نَابُلُسَ بِأَمَانٍ عَلَى الْجِزْيَةِ، وَفَتَحَ مَدِينَةَ لُدٍّ، ثُمَّ فَتَحَ يُبْنَى وَعَمَوَاسَ وَبَيْتَ جِبْرِينَ، وَفَتَحَ يَافَا، وَقِيلَ: فَتَحَهَا مُعَاوِيَةُ، وَفَتَحَ عَمْرٌو رَفَحَ.
فَلَمَّا تَمَّ لَهُ ذَلِكَ أَرْسَلَ إِلَى أَرْطَبُونَ رَجُلًا يَتَكَلَّمُ بِالرُّومِيَّةِ وَقَالَ لَهُ: اسْمَعْ مَا يَقُولُ، وَكَتَبَ مَعَهُ كِتَابًا، فَوَصَلَ الرَّسُولُ، وَدَفَعَ الْكِتَابَ إِلَى أَرْطَبُونَ وَعِنْدَهُ وُزَرَاؤُهُ، فَقَالَ أَرْطَبُونُ: لَا يَفْتَحُ - وَاللَّهِ - عَمْرٌو شَيْئًا مِنْ فِلَسْطِينَ بَعْدَ أَجْنَادَيْنِ. فَقَالُوا لَهُ: مَنْ أَيْنَ عَلِمْتَ هَذَا؟ فَقَالَ: صَاحِبُهَا رَجُلٌ صِفَتُهُ كَذَا وَكَذَا، وَذَكَرَ صِفَةَ عُمَرَ. فَرَجَعَ الرَّسُولُ إِلَى عَمْرٍو فَأَخْبَرَهُ الْخَبَرَ، فَكَتَبَ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ يَقُولُ: إِنِّي أُعَالِجُ عَدُوًّا شَدِيدًا وَبِلَادًا قَدِ ادُّخِرَتْ لَكَ، فَرَأْيَكَ. فَعَلِمَ عُمَرُ أَنَّ عَمْرًا لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ إِلَّا بِشَيْءٍ سَمِعَهُ، فَسَارَ عُمَرُ عَنِ الْمَدِينَةِ
وَقِيلَ: كَانَ سَبَبُ قُدُومِ عُمَرَ إِلَى الشَّامِ أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ حَصَرَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ، فَطَلَبَ أَهْلُهُ مِنْهُ أَنْ يُصَالِحَهُمْ عَلَى صُلْحِ أَهْلِ مُدُنِ الشَّامِ، وَأَنْ يَكُونَ الْمُتَوَلِّي لِلْعَقْدِ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ بِذَلِكَ، فَسَارَ عَنِ الْمَدِينَةِ وَاسْتَخْلَفَ عَلَيْهَا عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: أَيْنَ تَخْرُجُ بِنَفْسِكَ؟ إِنَّكَ تُرِيدُ عَدُوًّا كَلِبًا. فَقَالَ عُمَرُ: أُبَادِرُ بِالْجِهَادِ قَبْلَ مَوْتِ الْعَبَّاسِ، إِنَّكُمْ لَوْ فَقَدْتُمُ الْعَبَّاسَ لَانْتَقَضَ بِكُمُ الشَّرُّ كَمَا يَنْتَقِضُ [أَوَّلُ] الْحَبْلِ. فَمَاتَ الْعَبَّاسُ لِسِتِّ سِنِينَ مِنْ خِلَافَةِ عُثْمَانَ، فَانْتَقَضَ بِالنَّاسِ الشَّرُّ
وَسَارَ عُمَرُ فَقَدِمَ الْجَابِيَةَ عَلَى فَرَسٍ، وَجَمِيعُ مَا قَدِمَ الشَّامَ أَرْبَعُ مَرَّاتٍ: الْأُولَى عَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute