بِبِرْذَوْنٍ فَرَكِبَهُ، فَجَعَلَ يَتَجَلْجَلُ بِهِ، فَنَزَلَ وَضَرَبَ وَجْهَهُ وَقَالَ: لَا أَعْلَمُ مَنْ عَلَّمَكَ هَذِهِ الْخُيَلَاءَ! ثُمَّ لَمْ يَرْكَبْ بِرْذَوْنًا قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ.
وَفُتِحَتْ إِيلِيَاءُ وَأَهْلُهَا عَلَى يَدَيْهِ. وَقِيلَ: كَانَ فَتْحُهَا سَنَةَ سِتَّ عَشْرَةَ، وَلَحِقَ أَرْطَبُونُ وَمَنْ أَبَى الصُّلْحَ مِنَ الرُّومِ بِمِصْرَ، فَلَمَّا مَلَكَ الْمُسْلِمُونَ مِصْرَ قُتِلَ، وَقِيلَ: بَلْ لَحِقَ بِالرُّومِ، فَكَانَ يَكُونُ عَلَى صَوَائِفِهِمْ، وَالْتَقَى هُوَ وَصَاحِبُ صَائِفَةِ الْمُسْلِمِينَ، وَمَعَ الْمُسْلِمِينَ رَجُلٌ مِنْ قَيْسٍ يُقَالُ لَهُ ضُرَيْسٌ، فَقَطَعَ يَدَ الْقَيْسِيِّ وَقَتَلَهُ الْقَيْسِيُّ، فَقَالَ فِيهِ:
فَإِنْ يَكُنْ أَرْطَبُونُ الرُّومِ أَفْسَدَهَا فَإِنَّ فِيهَا بِحَمْدِ اللَّهِ مُنْتَفَعَا
وَإِنْ يَكُنْ أَرْطَبُونُ الرُّومِ قَطَّعَهَا فَقَدْ تَرَكْتُ بِهَا أَوْصَالَهُ قِطَعَا
ذِكْرُ فَرْضِ الْعَطَاءِ وَعَمَلِ الدِّيوَانِ
وَفِي سَنَةِ خَمْسَ عَشْرَةَ فَرَضَ عُمَرُ لِلْمُسْلِمِينَ الْفُرُوضَ، وَدَوَّنَ الدَّوَاوِينَ، وَأَعْطَى الْعَطَايَا عَلَى السَّابِقَةِ، وَأَعْطَى صَفْوَانَ بْنَ أُمَيَّةَ وَالْحَارِثَ بْنَ هِشَامٍ وَسُهَيْلَ بْنَ عَمْرٍو فِي أَهْلِ الْفَتْحِ أَقَلَّ مَا أَخَذَ مَنْ قَبْلَهُمْ، فَامْتَنَعُوا مِنْ أَخْذِهِ وَقَالُوا: لَا نَعْتَرِفُ أَنْ يَكُونَ أَحَدٌ أَكْرَمَ مِنَّا. فَقَالَ: إِنِّي إِنَّمَا أَعْطَيْتُكُمْ عَلَى السَّابِقَةِ فِي الْإِسْلَامِ لَا عَلَى الْأَحْسَابِ. قَالُوا: فَنَعَمْ إِذًا، وَأَخَذُوا، وَخَرَجَ الْحَارِثُ وَسُهَيْلٌ بِأَهْلَيْهِمَا نَحْوَ الشَّامِ، فَلَمْ يَزَالَا مُجَاهِدَيْنِ حَتَّى أُصِيبَا فِي بَعْضِ تِلْكَ الدُّرُوبِ، وَقِيلَ: مَاتَا فِي طَاعُونِ عَمَوَاسَ.
وَلَمَّا أَرَادَ عُمَرُ وَضْعَ الدِّيوَانِ قَالَ لَهُ عَلِيٌّ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ: ابْدَأْ بِنَفْسِكَ. قَالَ: لَا بَلْ أَبْدَأُ بِعَمِّ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ثُمَّ الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ ; فَفَرَضَ لِلْعَبَّاسِ وَبَدَأَ بِهِ، ثُمَّ فَرَضَ لِأَهْلِ بَدْرٍ خَمْسَةَ آلَافٍ خَمْسَةَ آلَافٍ، ثُمَّ فَرَضَ لِمَنْ بَعْدَ بَدْرٍ إِلَى الْحُدَيْبِيَةِ أَرْبَعَةَ آلَافٍ أَرْبَعَةَ آلَافٍ، ثُمَّ فَرَضَ لِمَنْ بَعْدَ الْحُدَيْبِيَةِ إِلَى أَنْ أَقْلَعَ أَبُو بَكْرٍ عَنْ أَهْلِ الرِّدَّةِ ثَلَاثَةَ آلَافٍ ثَلَاثَةَ آلَافٍ (فِي ذَلِكَ مَنْ شَهِدَ الْفَتْحَ وَقَاتَلَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَمَنْ وَلِيَ الْأَيَّامَ قَبْلَ الْقَادِسِيَّةِ، كُلُّ هَؤُلَاءِ ثَلَاثَةَ آلَافٍ ثَلَاثَةَ آلَافٍ) ، ثُمَّ فَرَضَ لِأَهْلِ الْقَادِسِيَّةِ وَأَهْلِ الشَّامِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute