خَرَجْتَ لِوَجْهِ اللَّهِ فَلَا يَصُدَّكَ عَنْهُ هَذَا، وَمِنْهُمُ الْقَائِلُ: إِنَّهُ بَلَاءٌ وَفَنَاءٌ فَلَا نَرَى أَنْ تَقْدَمَ عَلَيْهِ. فَقَالَ لَهُمْ: قُومُوا، ثُمَّ أَحْضَرَ مُهَاجِرَةَ الْفَتْحِ مِنْ قُرَيْشٍ، فَاسْتَشَارَهُمْ، فَلَمْ يَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ وَأَشَارُوا بِالْعَوْدِ، فَنَادَى عُمَرُ فِي النَّاسِ: إِنِّي مُصَبِّحٌ عَلَى ظَهْرٍ. فَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: أَفِرَارًا مِنْ قَدَرِ اللَّهِ؟ فَقَالَ: نَعَمْ نَفِرُّ مِنْ قَدَرِ اللَّهِ إِلَى قَدَرِ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَ لَكَ إِبِلٌ فَهَبَطْتَ وَادِيًا لَهُ عُدْوَتَانِ، إِحْدَاهُمَا مُخْصِبَةٌ وَالْأُخْرَى جَدْبَةٌ أَلَيْسَ إِنْ رَعَيْتَ الْخَصِبَةَ رَعَيْتَهَا بِقَدَرِ اللَّهِ وَإِنْ رَعَيْتَ الْجَدْبَةَ رَعَيْتَهَا بِقَدَرِ اللَّهِ؟ فَسَمِعَ بِهِمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ فَقَالَ: إِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " «إِذَا سَمِعْتُمْ بِهَذَا الْوَبَاءِ بِبَلَدٍ فَلَا تَقْدَمُوا عَلَيْهِ، وَإِذَا وَقَعَ بِبَلَدٍ وَأَنْتُمْ بِهِ فَلَا تَخْرُجُوا فِرَارًا مِنْهُ» ". فَانْصَرَفَ عُمَرُ بِالنَّاسِ إِلَى الْمَدِينَةِ.
وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ أَصَحُّ، فَإِنَّ الْبُخَارِيَّ وَمُسْلِمًا أَخْرَجَاهَا فِي صَحِيحَيْهِمَا، (وَلِأَنَّ أَبَا مُوسَى كَانَ هَذِهِ السَّنَةَ بِالْبَصْرَةِ وَلَمْ يَكُنْ بِالشَّامِ، لَكِنْ هَكَذَا ذَكَرَهُ وَإِنَّمَا أَوْرَدْنَاهُ لِنُنَبِّهَ عَلَيْهِ) .
(عَمَوَاسُ بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمِيمِ وَالْوَاوِ، وَبَعْدَ الْأَلْفِ سِينٌ مُهْمَلَةٌ. وَسَرْغٌ بِفَتْحِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ، وَسُكُونِ الرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ، وَآخِرُهُ غَيْنٌ مُعْجَمَةٌ) .
وَمَعْنَى قَوْلِهِ: دَعْوَةُ نَبِيِّكُمْ، حِينَ «جَاءَهُ جِبْرَائِيلُ فَقَالَ: فَنَاءُ أُمَّتِكَ بِالطَّعْنِ أَوِ الطَّاعُونِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: فَبِالطَّاعُونِ» .
وَلَمَّا هَلَكَ يَزِيدُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ اسْتَعْمَلَ عُمَرُ أَخَاهُ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ عَلَى دِمَشْقَ وَخَرَاجِهَا، وَاسْتَعْمَلَ شُرَحْبِيلَ بْنَ حَسَنَةَ عَلَى جُنْدِ الْأُرْدُنِّ وَخَرَاجِهَا. وَأَصَابَ النَّاسَ مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute