وَيَجْتَمِعُوا عَلَيْهِ بِمَاهٍ. فَنَدَبَ النَّاسَ، فَكَانَ أَسْرَعَهُمْ إِلَى ذَلِكَ الرَّوَادِفُ لِيُبْلُوا فِي الدِّينِ وَلْيُدْرِكُوا حَظًّا.
فَخَرَجَ النَّاسُ مِنْهَا وَعَلَيْهِمْ حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ وَمَعَهُ نُعَيْمُ بْنُ مُقَرِّنٍ حَتَّى قَدِمُوا عَلَى النُّعْمَانِ، وَتَقَدَّمَ عُمَرُ إِلَى الْجُنْدِ الَّذِينَ كَانُوا بِالْأَهْوَازِ لِيَشْغَلُوا فَارِسًا عَنِ الْمُسْلِمِينَ وَعَلَيْهِمُ الْمُقْتَرِبُ وَحَرْمَلَةُ وَزِرٌّ، فَأَقَامُوا بِتُخُومِ أَصْبَهَانَ وَفَارِسَ وَقَطَعُوا أَمْدَادَ فَارِسَ عَنْ أَهْلِ نَهَاوَنْدَ، وَاجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَى النُّعْمَانِ وَفِيهِمْ حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ، وَابْنُ عُمَرَ، وَجَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيُّ، وَالْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ، وَغَيْرُهُمْ، فَأَرْسَلَ النُّعْمَانُ طُلَيْحَةَ بْنَ خُوَيْلِدٍ، وَعَمْرَوبْنَ مَعْدِ يكَرِبَ، وَعَمْرَوبْنَ ثُنَيٍّ - وَهُوَ ابْنُ أَبِي سُلْمَى - لِيَأْتُوهُ بِخَبَرِهِمْ. وَخَرَجُوا وَسَارُوا يَوْمًا إِلَى اللَّيْلِ، فَرَجَعَ إِلَيْهِ عَمْرُوبْنُ ثُنَيٍّ، فَقَالُوا: مَا رَجَعَكَ؟ فَقَالَ: لَمْ أَكُنْ فِي أَرْضِ الْعَجَمِ، وَقَتَلَتْ أَرْضٌ جَاهِلَهَا، وَقَتَلَ أَرْضًا عَالِمُهَا. وَمَضَى طُلَيْحَةُ وَعَمْرُوبْنُ مَعْدِ يكَرِبَ. فَلَمَّا كَانَ آخِرُ اللَّيْلِ رَجَعَ عَمْرٌو، فَقَالُوا: مَا رَجَعَكَ؟ قَالَ: سِرْنَا يَوْمًا وَلَيْلَةً وَلَمْ نَرَ شَيْئًا فَرَجَعْتُ. وَمَضَى طُلَيْحَةُ حَتَّى انْتَهَى إِلَى نَهَاوَنْدَ. وَبَيْنَ مَوْضِعِ الْمُسْلِمِينَ الَّذِي هُمْ بِهِ وَنَهَاوَنْدَ بِضْعَةٌ وَعِشْرُونَ فَرْسَخًا. فَقَالَ النَّاسُ: ارْتَدَّ طُلَيْحَةُ الثَّانِيَةَ. فَعَلِمَ كَلَامَ الْقَوْمِ وَرَجَعَ. فَلَمَّا رَأَوْهُ كَبَّرُوا. فَقَالَ: مَا شَأْنُكُمْ؟ فَأَعْلَمُوهُ بِالَّذِي خَافُوا عَلَيْهِ. فَقَالَ: وَاللَّهِ لَوْ لَمْ يَكُنْ دِينٌ إِلَّا الْعَرَبِيُّ مَا كُنْتُ لِأُجْزِرَ الْعُجْمَ الطَّمَاطِمَ هَذِهِ الْعَرَبَ الْعَارِبَةَ. فَأَعْلَمَ النُّعْمَانَ أَنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ نَهَاوَنْدَ شَيْءٌ يَكْرَهُهُ وَلَا أَحَدٌ.
فَرَحَلَ النُّعْمَانُ وَعَبَّى أَصْحَابَهُ، وَهُمْ ثَلَاثُونَ أَلْفًا، فَجَعَلَ عَلَى مُقَدَّمَتِهِ نُعَيْمَ بْنَ مُقَرِّنٍ وَعَلَى مُجَنِّبَتَيْهِ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ وَسُوَيْدَ بْنَ مُقَرِّنٍ، وَعَلَى الْمُجَرَّدَةِ الْقَعْقَاعَ بْنَ عَمْرٍو، وَعَلَى السَّاقَةِ مُجَاشِعَ بْنَ مَسْعُودٍ. وَقَدْ تَوَافَتْ إِلَيْهِ أَمْدَادُ الْمَدِينَةِ فِيهِمُ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ، فَانْتَهَوْا إِلَى إِسْبِيذُهَانَ وَالْفُرْسُ وُقُوفٌ عَلَى تَعْبِيَتِهِمْ، وَأَمِيرُهُمُ الْفَيْرُزَانُ وَعَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute