سُوَيْدِ بْنِ مُقَرِّنٍ وَمَعَهُ هِنْدُ بْنُ عَمْرٍو الْجَمَلِيُّ وَغَيْرُهُ إِلَى قُومِسَ، فَسَارَ سُوَيْدٌ نَحْوَ قُومِسَ، فَلَمْ يَقُمْ لَهُ أَحَدٌ، فَأَخَذَهَا سِلْمًا وَعَسْكَرَ بِهَا، وَكَاتَبَهُ الَّذِينَ لَجَأُوا إِلَى طَبَرِسْتَانَ مِنْهُمْ وَالَّذِينَ أَخَذُوا الْمَفَاوِزَ، فَأَجَابَهُمْ إِلَى الصُّلْحِ وَالْجِزْيَةِ وَكَتَبَ لَهُمْ بِذَلِكَ. ثُمَّ سَارَ سُوَيْدٌ إِلَى جُرْجَانَ فَعَسْكَرَ بِهَا بِبَسْطَامَ وَكَتَبَ إِلَى مَلِكِ جُرْجَانَ، وَهُوَ زُرْنَانُ صُولُ، وَكَاتَبَهُ زُرْنَانُ صُولُ وَصَالَحَهُ عَلَى جُرْجَانَ عَلَى الْجِزْيَةِ وَكِفَايَةِ حَرْبِ جُرْجَانَ وَأَنْ يُعِينَهُ سُوَيْدٌ إِنْ غَلَبَ، فَأَجَابَهُ سُوَيْدٌ إِلَى ذَلِكَ، وَتَلَقَّاهُ زُرْنَانُ صُولُ قَبْلَ دُخُولِهِ جُرْجَانَ فَدَخَلَ مَعَهُ وَعَسْكَرَ بِهَا حَتَّى جَبَى الْخَرَاجَ وَسَمَّى فُرُوجَهَا، فَسَدَّهَا بِتُرْكِ دِهِسْتَانَ، وَرَفَعَ الْجِزْيَةَ عَمَّنْ قَامَ بِمَنْعِهَا وَأَخَذَهَا مِنَ الْبَاقِينَ.
وَقِيلَ: كَانَ فَتْحُهَا سَنَةَ ثَمَانِي عَشْرَةَ. وَقِيلَ سَنَةَ ثَلَاثِينَ زَمَنَ عُثْمَانَ.
وَقِيلَ: وَرَاسَلَ الْإِصْبَهْبَذُ صَاحِبُ طَبَرِسْتَانَ سُوَيْدًا فِي الصُّلْحِ عَلَى أَنْ يَتَوَادَعَا وَيَجْعَلَ لَهُ شَيْئًا عَلَى غَيْرِ نَصْرٍ وَلَا مَعُونَةٍ عَلَى أَحَدٍ، فَقَبِلَ ذَلِكَ مِنْهُ وَكَتَبَ لَهُ كِتَابًا.
ذكر فَتْحِ طَرَابُلُسَ الْغَرْبِ وَبَرْقَةَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ سَارَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ مِنْ مِصْرَ إِلَى بَرْقَةَ فَصَالَحَهُ أَهْلُهَا عَلَى الْجِزْيَةِ وَأَنْ يَبِيعُوا مِنْ أَبْنَائِهِمْ مَنْ أَرَادُوا بَيْعَهُ. فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ بَرْقَةَ سَارَ إِلَى طَرَابُلُسَ الْغَرْبِ فَحَاصَرَهَا شَهْرًا فَلَمْ يَظْفَرْ بِهَا، وَكَانَ قَدْ نَزَلَ شَرْقِيَّهَا، فَخَرَجَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي مُدْلِجٍ يَتَصَيَّدُ فِي سَبْعَةِ نَفَرٍ، وَسَلَكُوا غَرْبَ الْمَدِينَةِ، فَلَمَّا رَجَعُوا اشْتَدَّ عَلَيْهِمُ الْحَرُّ فَأَخَذُوا عَلَى جَانِبِ الْبَحْرِ، وَلَمْ يَكُنِ السُّورُ مُتَّصِلًا بِالْبَحْرِ، وَكَانَتْ سُفُنُ الرُّومِ فِي مَرْسَاهَا مُقَابِلَ بُيُوتِهِمْ، فَرَأَى الْمُدْلِجِيُّ وَأَصْحَابُهُ مَسْلَكًا بَيْنَ الْبَحْرِ وَالْبَلَدِ فَدَخَلُوا مِنْهُ وَكَبَّرُوا، فَلَمْ يَكُنْ لِلرُّومِ مَلْجَأٌ إِلَّا سُفُنُهُمْ، لِأَنَّهُمْ ظَنُّوا أَنَّ الْمُسْلِمِينَ قَدْ دَخَلُوا الْبَلَدَ، وَنَظَرَ عَمْرٌو وَمَنْ مَعَهُ فَرَأَى السُّيُوفَ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute