أَجِدُ حِلْيَتَكَ وَصِفَتَكَ وَأَنَّكَ قَدْ فَنِيَ أَجْلُكَ. قَالَ: وَعُمَرُ لَا يُحِسُّ وَجَعًا! فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ جَاءَهُ كَعْبٌ فَقَالَ: بَقِيَ يَوْمَانِ. فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ جَاءَهُ كَعْبٌ فَقَالَ: مَضَى يَوْمَانِ وَبَقِيَ يَوْمٌ. فَلَمَّا أَصْبَحَ خَرَجَ عُمَرُ إِلَى الصَّلَاةِ وَكَانَ يُوَكِّلُ بِالصُّفُوفِ رِجَالًا فَإِذَا اسْتَوَتْ كَبَّرَ، وَدَخَلَ أَبُو لُؤْلُؤَةَ فِي النَّاسِ وَبِيَدِهِ خِنْجَرٌ لَهُ رَأْسَانِ نِصَابُهُ فِي وَسَطِهِ، فَضَرَبَ عُمَرَ سِتَّ ضَرَبَاتِ إِحْدَاهُنَّ تَحْتَ سُرَّتِهِ وَهِيَ الَّتِي قَتَلَتْهُ، وَقَتَلَ مَعَهُ كُلَيْبَ بْنَ أَبِي الْبُكَيْرِ اللَّيْثِيَّ وَكَانَ خَلْفَهُ، وَقَتَلَ جَمَاعَةً غَيْرَهُ.
فَلَمَّا وَجَدَ عُمَرُ حَرَّ السِّلَاحِ سَقَطَ، وَأَمَرَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ فَصَلَّى بِالنَّاسِ، وَعُمَرُ طَرِيحٌ، فَاحْتُمِلَ فَأُدْخِلَ بَيْتَهُ، وَدَعَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ فَقَالَ لَهُ: إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَعْهَدَ إِلَيْكَ. قَالَ: أَتُشِيرُ عَلَيَّ بِذَلِكَ؟ قَالَ: اللَّهُمَّ لَا. قَالَ: وَاللَّهِ لَا أَدْخُلُ فِيهِ أَبَدًا. قَالَ: فَهَبْنِي صَمْتًا حَتَّى أَعْهَدَ إِلَى النَّفَرِ الَّذِينَ تُوُفِّيَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ عَنْهُمْ رَاضٍ. ثُمَّ دَعَا عَلِيًّا وَعُثْمَانَ وَالزُّبَيْرَ وَسَعْدًا فَقَالَ: انْتَظِرُوا أَخَاكُمْ طَلْحَةَ ثَلَاثًا، فَإِنْ جَاءَ وَإِلَّا فَاقْضُوا أَمْرَكُمْ، أَنْشُدُكَ اللَّهَ يَا عَلِيُّ إِنْ وَلِيتَ مِنْ أُمُورِ النَّاسِ شَيْئًا أَنْ تَحْمِلَ بَنِي هَاشِمٍ عَلَى رِقَابِ النَّاسِ، أَنْشُدُكَ اللَّهَ يَا عُثْمَانُ إِنْ وَلِيتَ مِنْ أُمُورِ النَّاسِ شَيْئًا أَنْ تَحْمِلَ بَنِي أَبِي مُعَيْطٍ عَلَى رِقَابِ النَّاسِ، أَنْشُدُكَ اللَّهَ يَا سَعْدُ إِنْ وَلِيتَ مِنْ أُمُورِ النَّاسِ شَيْئًا أَنْ تَحْمِلَ أَقَارِبَكَ عَلَى رِقَابِ النَّاسِ، قُومُوا فَتَشَاوَرُوا ثُمَّ اقْضُوا أَمْرَكُمْ وَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ صُهَيْبٌ.
ثُمَّ دَعَا أَبَا طَلْحَةَ الْأَنْصَارِيَّ، فَقَالَ: قُمْ عَلَى بَابِهِمْ فَلَا تَدَعْ أَحَدًا يَدْخُلُ إِلَيْهِمْ. وَأُوصِي الْخَلِيفَةَ مِنْ بَعْدِي بِالْأَنْصَارِ الَّذِينَ تَبَوَّأُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ، أَنْ يُحْسِنَ إِلَى مُحْسِنِهِمْ وَيَعْفُوَ عَنْ مُسِيئِهِمْ، وَأُوصِي الْخَلِيفَةَ بِالْعَرَبِ، فَإِنَّهُمْ مَادَّةُ الْإِسْلَامِ، أَنْ يُؤْخَذَ مِنْ صَدَقَاتِهِمْ حَقَّهَا فَتُوضَعَ فِي فُقَرَائِهِمْ، وَأُوصِي الْخَلِيفَةَ بِذِمَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُوفِيَ لَهُمْ بِعَهْدِهِمْ، اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ؟ لَقَدْ تَرَكْتُ الْخَلِيفَةَ مِنْ بَعْدِي عَلَى أَنْقَى مِنَ الرَّاحَةِ، يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، اخْرُجْ فَانْظُرْ مَنْ قَتَلَنِي.
قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، قَتَلَكَ أَبُو لُؤْلُؤَةَ غُلَامُ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ. قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَجْعَلْ مَنِيَّتِي بِيَدِ رَجُلٍ سَجَدَ لِلَّهِ سَجْدَةً وَاحِدَةً! يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، اذْهَبْ إِلَى عَائِشَةَ فَسَلْهَا أَنْ تَأْذَنَ لِي أَنْ أُدْفَنَ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبِي بَكْرٍ. يَا عَبْدَ اللَّهِ، إِنِ اخْتَلَفَ الْقَوْمُ فَكُنْ مَعَ الْأَكْثَرِ، فَإِنْ تَشَاوَرُوا فَكُنْ مَعَ الْحِزْبِ الَّذِي فِيهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، يَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute