وَخَطَبَ أُمَّ كُلْثُومٍ ابْنَةَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ إِلَى عَائِشَةَ، فَقَالَتْ أُمُّ كُلْثُومٍ: لَا حَاجَةَ لِي فِيهِ، إِنَّهُ خَشِنُ الْعَيْشِ شَدِيدٌ عَلَى النِّسَاءِ. فَأَرْسَلَتْ عَائِشَةُ إِلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فَقَالَ: أَنَا أَكْفِيكِ. فَأَتَى عُمَرَ فَقَالَ: بَلَغَنِي خَبَرٌ أُعِيذُكَ بِاللَّهِ مِنْهُ. قَالَ: مَا هُوَ؟ قَالَ: خَطَبْتَ أُمَّ كُلْثُومٍ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ. قَالَ نَعَمْ، أَفَرَغِبْتَ بِي عَنْهَا أَمْ رَغِبْتَ بِهَا عَنِّي؟ قَالَ: وَلَا وَاحِدَةَ، وَلَكِنَّهَا حَدَثَةٌ نَشَأَتْ تَحْتَ كَنَفِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ فِي لِينٍ وَرِفْقٍ، وَفِيكَ غِلْظَةٌ، وَنَحْنُ نَهَابُكَ وَمَا نَقْدِرُ أَنْ نَرُدَّكَ عَنْ خُلُقٍ مِنْ أَخْلَاقِكَ، فَكَيْفَ بِهَا إِنْ خَالَفَتْكَ فِي شَيْءٍ فَسَطَوْتَ بِهَا كُنْتَ قَدْ خَلَفْتَ أَبَا بَكْرٍ فِي وَلَدِهِ بِغَيْرِ مَا يَحِقُّ عَلَيْكَ. وَقَالَ: فَكَيْفَ بِعَائِشَةَ وَقَدْ كَلَّمَتْهَا؟ قَالَ: أَنَا لَكَ بِهَا وَأَدُلُّكَ عَلَى خَيْرٍ مِنْهَا، أُمِّ كُلْثُومٍ بِنْتِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ تَعَلَّقْ مِنْهَا بِسَبَبٍ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وَخَطَبَ أُمَّ أَبَانَ بِنْتَ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ فَكَرِهَتْهُ وَقَالَتْ: يُغْلِقُ بَابَهُ، وَيَمْنَعُ خَيْرَهُ، وَيَدْخُلُ عَابِسًا وَيَخْرُجُ عَابِسًا.
ذكر بَعْضِ سِيرَتِهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -
قَالَ عُمَرُ: إِنَّمَا مَثَلُ الْعَرَبِ مَثَلُ جَمَلٍ أَنِفٍ اتَّبَعَ قَائِدَهُ، فَلْيَنْظُرْ قَائِدُهُ حَيْثُ يَقُودُهُ، فَأَمَّا أَنَا فَوَرَبِّ الْكَعْبَةِ لَأَحْمِلَنَّهُمْ عَلَى الطَّرِيقِ! قَالَ نَافِعٌ الْعَيْشِيُّ: دَخَلْتُ حَيْرَ الصَّدَقَةِ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ: فَجَلَسَ عُثْمَانُ فِي الظِّلِّ يَكْتُبُ، وَقَامَ عَلِيٌّ عَلَى رَأْسِهِ يُمْلِي عَلَيْهِ مَا يَقُولُ عُمَرُ، وَعُمَرُ قَائِمٌ فِي الشَّمْسِ فِي يَوْمٍ شَدِيدِ الْحَرِّ عَلَيْهِ بُرْدَانِ أَسْوَدَانِ اتَّزَرَ بِأَحَدِهِمَا وَلَفَّ الْآخَرَ عَلَى رَأْسِهِ، يَعُدُّ إِبِلَ الصَّدَقَةِ، يَكْتُبُ أَلْوَانَهَا وَأَسْنَانَهَا. فَقَالَ عَلِيٌّ لِعُثْمَانَ: فِي كِتَابِ اللَّهِ {يَاأَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ} [القصص: ٢٦] . ثُمَّ أَشَارَ عَلِيٌّ بِيَدِهِ إِلَى عُمَرَ وَقَالَ: هَذَا الْقَوِيُّ الْأَمِينُ.
وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ: رَأَيْتُ عُمَرَ أَخَذَ بِتِبْنَةٍ مِنَ الْأَرْضِ فَقَالَ: يَا لَيْتَنِي هَذِهِ التِّبْنَةُ، يَا لَيْتَنِي لَمْ أَكُ شَيْئًا، يَا لَيْتَ أُمِّي لَمْ تَلِدْنِي، يَا لَيْتَنِي كُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا. وَقَالَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute