وَاسِعَةٌ، فَسِرْ فَإِنَّ اللَّهَ نَاصِرُكَ وَمُعِزٌّ دِينَهُ. فَتَجَهَّزَ وَسَارَ وَاسْتَخْلَفَ عَلَى الْبَصْرَةِ زِيَادًا، وَسَارَ إِلَى كَرْمَانَ، فَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهَا مُجَاشِعَ بْنَ مَسْعُودٍ السُّلَمِيَّ، وَلَهُ صُحْبَةٌ، وَأَمَرَهُ بِمُحَارَبَةِ أَهْلِهَا، وَكَانُوا قَدْ نَكَثُوا أَيْضًا، وَاسْتَعْمَلَ عَلَى سِجِسْتَانَ الرَّبِيعَ بْنَ زِيَادٍ الْحَارِثِيَّ، وَكَانُوا أَيْضًا قَدْ غَدَرُوا وَنَقَضُوا الصُّلْحَ. وَسَارَ ابْنُ عَامِرٍ إِلَى نَيْسَابُورَ، وَجَعَلَ عَلَى مُقَدَّمَتِهِ الْأَحْنَفَ بْنَ قَيْسٍ، فَأَتَى الطَّبَسَيْنِ، وَهُمَا حِصْنَانِ، وَهُمَا بَابَا خُرَاسَانَ، فَصَالَحَهُ أَهْلُهُمَا، وَسَارَ إِلَى قُوهِسْتَانَ فَلَقِيَهُ أَهْلُهَا، وَقَاتَلَهُمْ حَتَّى أَلْجَأَهُمْ إِلَى حِصْنِهِمْ، وَقَدِمَ عَلَيْهَا ابْنُ عَامِرٍ، فَصَالَحَهُ أَهْلُهَا عَلَى سِتِّمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ. وَقِيلَ: كَانَ الْمُتَوَجِّهَ إِلَى قُوهِسْتَانَ أُمَيْرُ بْنُ أَحْمَرُ الْيَشْكُرِيُّ - وَهِيَ بِلَادُ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ - وَبَعَثَ ابْنُ عَامِرٍ سَرِيَّةً إِلَى رُسْتَاقِ زَامَ مِنْ أَعْمَالِ نَيْسَابُورَ، فَفَتَحَهُ عَنْوَةً، وَفَتَحَ بَاخَرْزَ مِنْ أَعْمَالِ نَيْسَابُورَ أَيْضًا، وَفَتَحَ جُوَيْنَ مِنْ أَعْمَالِ نَيْسَابُورَ أَيْضًا.
وَوَجَّهَ ابْنُ عَامِرٍ الْأَسْوَدَ بْنَ كُلْثُومٍ الْعَدَوِيَّ مِنْ عَدِيِّ الرَّبَابِ، وَكَانَ نَاسِكًا، إِلَى بَيْهَقَ، مِنْ أَعْمَالِهِمَا أَيْضًا، فَقَصَدَ قَصَبَتَهُ وَدَخَلَ حِيطَانَ الْبَلَدِ مِنْ ثُلْمَةٍ كَانَتْ فِيهِ، وَدَخَلَتْ مَعَهُ طَائِفَةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَأَخَذَ الْعَدُوُّ عَلَيْهِمْ تِلْكَ الثُّلْمَةَ، فَقَاتَلَ الْأَسْوَدُ حَتَّى قُتِلَ هُوَ وَطَائِفَةٌ مِمَّنْ مَعَهُ، وَقَامَ بِأَمْرِ النَّاسِ بَعْدَهُ أَخُوهُ أَدْهَمُ بْنُ كُلْثُومٍ، فَظَفِرَ وَفَتَحَ بَيْهَقَ، وَكَانَ الْأَسْوَدُ يَدْعُو اللَّهَ أَنْ يَحْشُرَهُ مِنْ بُطُونِ السِّبَاعِ وَالطَّيْرِ، فَلَمْ يُوَارِهِ أَخُوهُ، وَدَفَنَ مَنِ اسْتُشْهِدَ مِنْ أَصْحَابِهِ. وَفَتَحَ ابْنُ عَامِرٍ بُشْتَ مِنْ نَيْسَابُورَ.
(وَهَذِهِ بُشْتُ: بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ، وَلَيْسَتْ بِبُسْتَ الَّتِي بِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ، تِلْكَ مِنْ بِلَادِ الدَّاوُنِ، وَهَذِهِ مِنْ خُرَاسَانَ مِنْ نَيْسَابُورَ) .
وَافْتَتَحَ خَوَافَ وَأَسْفَرَايِينَ وَأَرْغِيَانَ، ثُمَّ قَصَدَ نَيْسَابُورَ بَعْدَمَا اسْتَوْلَى عَلَى أَعْمَالِهَا وَافْتَتَحَهَا، فَحَصَرَ أَهْلَهَا أَشْهُرًا، وَكَانَ عَلَى كُلِّ رُبْعٍ مِنْهَا مَرْزُبَانٌ لِلْفُرْسِ يَحْفَظُهُ، فَطَلَبَ صَاحِبُ رُبْعٍ مِنْ تِلْكَ الْأَرْبَاعِ الْأَمَانَ عَلَى أَنْ يُدْخِلَ الْمُسْلِمِينَ الْمَدِينَةَ، فَأُجِيبَ إِلَى ذَلِكَ، فَأَدْخَلَهُمْ لَيْلًا فَفَتَحُوا الْبَابَ وَتَحَصَّنَ مَرْزُبَانُهَا الْأَكْبَرُ فِي حِصْنِهَا، وَمَعَهُ جَمَاعَةٌ، وَطَلَبَ الْأَمَانَ وَالصُّلْحَ عَلَى جَمِيعِ نَيْسَابُورَ، فَصَالَحَهُ عَلَى أَلْفِ أَلْفِ دِرْهَمٍ، وَوَلَّى نَيْسَابُورَ قَيْسَ بْنَ الْهَيْثَمِ السُّلَمِيَّ، وَسَيَّرَ جَيْشًا إِلَى نَسَا وَأَبِيوَرْدَ فَافْتَتَحُوهَا صُلْحًا، وَسَيَّرَ سَرِيَّةً
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute