خَيْلٍ وَقَالَ: يَا بَنِي تَمِيمٍ تَحَابُّوا وَتَبَاذَلُوا تُعْدَلْ أُمُورُكُمْ، وَابْدَءُوا بِجِهَادِ بُطُونِكُمْ وَفُرُوجِكُمْ يَصْلُحْ لَكُمْ دِينُكُمْ، وَلَا تَغْلُوا يَسْلَمْ لَكُمْ جِهَادُكُمْ.
فَسَارَ الْأَقْرَعُ فَلَقِيَ الْعَدُوَّ بِالْجُوزَجَانِ فَكَانَتْ بِالْمُسْلِمِينَ جَوْلَةٌ، ثُمَّ عَادُوا فَهَزَمُوا الْمُشْرِكِينَ وَفَتَحُوا الْجُوزَجَانَ عَنْوَةً، فَقَالَ ابْنُ الْغَرِيزَةِ النَّهْشَلِيُّ:
سَقَى صَوْبُ السَّحَابِ إِذَا اسْتَهَلَّتْ ... مَصَارِعَ فِتْيَةٍ بِالْجُوزَجَانِ
إِلَى الْقَصْرَيْنِ مِنْ رُسْتَاقِ خُوتٍ ... أَقَادَهُمْ هُنَاكَ الْأَقْرَعَانِ
وَفَتَحَ الْأَحْنَفُ الطَّالَقَانَ صُلْحًا، وَفَتَحَ الْفَارِيَابَ، وَقِيلَ: بَلْ فَتَحَهَا أُمَيْرُ بْنُ أَحْمَرَ، ثُمَّ سَارَ الْأَحْنَفُ إِلَى بَلْخَ، وَهِيَ مَدِينَةُ طُخَارِسْتَانَ، فَصَالَحَهُ أَهْلُهَا عَلَى أَرْبَعِمِائَةِ أَلْفٍ، وَقِيلَ: سَبْعِمِائَةِ أَلْفٍ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَى بَلْخَ أَسِيدَ بْنَ الْمُتَشَمِّسِ، ثُمَّ سَارَ إِلَى خَوَارِزْمَ، وَهِيَ عَلَى نَهْرِ جَيْحُونَ، فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهَا، فَاسْتَشَارَ أَصْحَابَهُ، فَقَالَ لَهُ حُضَيْنُ بْنُ الْمُنْذِرِ: قَالَ عَمْرُو بْنُ مَعْدِ يكَرِبَ:
إِذَا لَمْ تَسْتَطِعْ أَمْرًا فَدَعْهُ ... وَجَاوِزْهُ إِلَى مَا تَسْتَطِيعُ
فَعَادَ إِلَى بَلْخَ وَقَدْ قَبَضَ أَسِيدٌ صُلْحَهَا، وَوَافَقَ وَهُوَ يُجِيبُهُمُ الْمَهْرَجَانَ، فَأَهْدَوْا لَهُ هَدَايَا كَثِيرَةً مِنْ دَرَاهِمَ وَدَنَانِيرَ وَدَوَابَّ وَأَوَانٍ وَثِيَابٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ، فَقَالَ لَهُمْ: مَا صَالَحْنَاهُمْ عَلَى هَذَا! : فَقَالُوا لَا، وَلَكِنْ هَذَا شَيْءٌ نَفْعَلُهُ فِي هَذَا الْيَوْمِ بِأُمَرَائِنَا. فَقَالَ: مَا أَدْرِي مَا هَذَا وَلَعَلَّهُ مِنْ حَقِّي، وَلَكِنْ أَقْبِضُهُ حَتَّى أَنْظُرَ، فَقَبَضَهُ حَتَّى قَدِمَ الْأَحْنَفُ فَأَخْبَرَهُ، فَسَأَلَهُمْ عَنْهُ، فَقَالُوا مَا قَالُوا لِأَسِيدٍ، فَحَمَلَهُ إِلَى ابْنِ عَامِرٍ وَأَخْبَرَهُ عَنْهُ، فَقَالَ: خُذْهُ يَا أَبَا بَحْرٍ. قَالَ: لَا حَاجَةَ لِي فِيهِ. فَأَخَذَهُ ابْنُ عَامِرٍ. قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ:
فَضَمَّهُ الْقُرَشِيُّ ... ، وَكَانَ مُضِمًّا.
وَلَمَّا تَمَّ لَابْنِ عَامِرٍ هَذَا الْفَتْحُ قَالَ لَهُ النَّاسُ: مَا فُتِحَ لِأَحَدٍ مَا فُتِحَ عَلَيْكَ، فَارِسُ وَكَرْمَانُ وَسِجِسْتَانُ وَخُرَاسَانُ. فَقَالَ: لَا جَرَمَ لَأَجْعَلَنَّ شُكْرِي لِلَّهِ عَلَى ذَلِكَ أَنْ أَخْرُجَ مُحْرِمًا مِنْ مَوْقِفِي هَذَا. فَأَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ مِنْ نَيْسَابُورَ وَقَدِمَ عَلَى عُثْمَانَ وَاسْتَخْلَفَ عَلَى خُرَاسَانَ قَيْسَ بْنَ الْهَيْثَمِ، فَسَارَ قَيْسٌ بَعْدَ شُخُوصِهِ فِي أَرْضِ طَخَارِسْتَانَ، فَلَمْ يَأْتِ بَلَدًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute