مِنْهَا إِلَّا صَالَحَهُ أَهْلُهُ وَأَذْعَنُوا لَهُ، حَتَّى أَتَى سِمِنْجَانَ فَامْتَنَعُوا عَلَيْهِ، فَحَصَرَهُمْ حَتَّى فَتَحَهَا عَنْوَةً.
(أَسِيدٌ: بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ السِّينِ. وَحُضَيْنُ بْنُ الْمُنْذِرِ: بِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ) .
ذكر فَتْحِ كَرْمَانَ
لَمَّا سَارَ ابْنُ عَامِرٍ عَنْ كَرْمَانَ إِلَى خُرَاسَانَ وَاسْتَعْمَلَ مُجَاشِعَ بْنَ مَسْعُودٍ السُّلَمِيَّ عَلَى كَرْمَانَ، عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ قَبْلُ، أَمَرَهُ أَنْ يَفْتَحَهَا، وَكَانَ أَهْلُهَا قَدْ نَكَثُوا وَغَدَرُوا، فَفَتَحَ هَمِيدَ عَنْوَةً وَاسْتَبْقَى أَهْلَهَا وَأَعْطَاهُمْ أَمَانًا، وَبَنَى بِهَا قَصْرًا يُعْرَفُ بِقَصْرِ مُجَاشِعٍ، وَأَتَى السِّيرَجَانَ، وَهِيَ مَدِينَةُ كَرْمَانَ، فَأَقَامَ عَلَيْهَا أَيَّامًا يَسِيرَةً وَأَهْلُهَا مُتَحَصِّنُونَ، فَقَاتَلَهُمْ وَفَتَحَهَا عَنْوَةً، فَجَلَا كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِهَا عَنْهَا، وَفَتَحَ جِيرَفْتَ عَنْوَةً، وَسَارَ فِي كَرْمَانَ فَدَوَّخَ أَهْلَهَا، وَأَتَى الْقَفَصَ وَقَدْ تَجَمَّعَ لَهُ خَلْقٌ كَثِيرٌ مِنَ الْأَعَاجِمِ الَّذِينَ جَلَوْا، فَقَاتَلَهُمْ فَظَفِرَ بِهِمْ وَظَهَرَ عَلَيْهِمْ، وَهَرَبَ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ كَرْمَانَ فَرَكِبُوا الْبَحْرَ، وَلَحِقَ بَعْضُهُمْ بِمُكْرَانَ وَبَعْضُهُمْ بِسِجِسْتَانَ، فَأُقْطِعَتِ الْعَرَبُ مَنَازِلَهُمْ وَأَرَاضِيَهُمْ فَعَمَّرُوهَا، وَاحْتَفَرُوا لَهَا الْقُنِيَّ فِي مَوَاضِعَ مِنْهَا، وَأَدَّوُا الْعُشْرَ مِنْهَا.
ذكر فَتْحِ سِجِسْتَانَ وَكَابُلَ وَغَيْرِهِمَا
قَدْ تَقَدَّمَ فَتْحُ سِجِسْتَانَ أَيَّامَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، ثُمَّ إِنَّ أَهْلَهَا نَقَضُوا بَعْدَهُ. فَلَمَّا تَوَجَّهَ ابْنُ عَامِرٍ إِلَى خُرَاسَانَ سَيَّرَ إِلَيْهَا مِنْ كَرْمَانَ الرَّبِيعَ بْنَ زِيَادٍ الْحَارِثِيَّ، فَقَطَعَ الْمَفَازَةَ حَتَّى أَتَى حِصْنَ زَالِقٍ، فَأَغَارَ عَلَى أَهْلِهِ يَوْمَ مَهْرَجَانٍ وَأَخَذَ الدِّهْقَانَ، فَافْتَدَى نَفْسَهُ بِأَنْ غَرَزَ عَنَزَةً وَغَمَرَهَا ذَهَبًا وَفِضَّةً، وَصَالَحَهُ عَلَى صُلْحِ فَارِسَ. ثُمَّ أَتَى بَلْدَةً يُقَالُ لَهَا كَرْكُوَيْهِ، فَصَالَحَهُ أَهْلُهَا، وَسَارَ إِلَى زَرَنْجَ فَنَزَلَ عَلَى مَدِينَةِ رُوَشْتَ بِقُرْبِ زَرَنْجَ، فَقَاتَلَهُ أَهْلُهَا وَأُصِيبَ رِجَالٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ. ثُمَّ انْهَزَمَ الْمُشْرِكُونَ وَقُتِلَ مِنْهُمْ مَقْتَلَةٌ عَظِيمَةٌ، وَأَتَى الرَّبِيعُ نَاشِرُوذَ فَفَتَحَهَا، ثُمَّ أَتَى شَرْوَاذَ فَغَلَبَ عَلَيْهَا، وَسَارَ مِنْهَا إِلَى زَرَنْجَ فَنَازَلَهَا وَقَاتَلَهُ أَهْلُهَا فَهَزَمَهُمْ وَحَصَرَهُمْ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ مَرْزُبَانُهَا لِيُصَالِحَهُ وَاسْتَأْمَنَهُ عَلَى نَفْسِهِ لِيَحْضُرَ عِنْدَهُ فَأَمَّنَهُ، وَجَلَسَ لَهُ الرَّبِيعُ عَلَى جَسَدٍ مِنْ أَجْسَادِ الْقَتْلَى وَاتَّكَأَ عَلَى آخَرَ، وَأَمَرَ أَصْحَابَهُ فَفَعَلُوا مِثْلَهُ، فَلَمَّا رَآهُمُ الْمَرْزُبَانُ هَالَهُ ذَلِكَ فَصَالَحَهُ عَلَى أَلْفِ وَصِيفٍ مَعَ كُلِّ وَصِيفٍ جَامٌ مَنْ ذَهَبٍ، وَدَخَلَ الْمُسْلِمُونَ الْمَدِينَةَ. ثُمَّ سَارَ مِنْهَا إِلَى سَنَارُوذَ، وَهِيَ وَادٍ، فَعَبَرَهُ وَأَتَى الْقَرْيَةَ الَّتِي بِهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute