للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَمِيرًا، وَأَمَرَ عُثْمَانُ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ أَنْ يَغْزُوَ الْبَابَ فَسَارَ نَحْوَهُ.

ذكر ابْتِدَاءِ قَتْلِ عُثْمَانَ

فِي هَذِهِ السَّنَةِ تَكَاتَبَ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَغَيْرُهُمْ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ: أَنِ اقْدَمُوا فَإِنَّ الْجِهَادَ عِنْدَنَا، وَعَظُمَ النَّاسُ عَلَى عُثْمَانَ وَنَالُوا مِنْهُ، وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ يَنْهَى وَلَا يَذُبُّ إِلَّا نَفَرٌ، مِنْهُمْ: زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَأَبُو أُسَيْدٍ السَّاعِدِيُّ، وَكَعْبُ بْنُ مَالِكٍ، وَحَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ، فَاجْتَمَعَ النَّاسُ فَكَلَّمُوا عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، فَدَخَلَ عَلَى عُثْمَانَ فَقَالَ لَهُ: النَّاسُ وَرَائِي وَقَدْ كَلَّمُونِي فِيكَ، وَاللَّهِ مَا أَدْرِي مَا أَقُولُ لَكَ وَلَا أَعْرِفُ شَيْئًا تَجْهَلُهُ وَلَا أَدُلُّكَ عَلَى أَمْرٍ لَا تَعْرِفُهُ، إِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا أَعْلَمُ، مَا سَبَقْنَاكَ إِلَى شَيْءٍ فَنُخْبِرَكَ عَنْهُ، وَلَا خَلَوْنَا بِشَيْءٍ فَنُبَلِّغَكَهُ، وَمَا خُصِصْنَا بِأَمْرٍ دُونَكَ، وَقَدْ رَأَيْتُ وَصَحِبْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَسَمِعْتُ مِنْهُ وَنِلْتُ صِهْرَهُ، وَمَا ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ بِأَوْلَى بِعَمَلِ الْحَقِّ مِنْكَ، وَلَا ابْنُ الْخَطَّابِ بِأَوْلَى بِشَيْءٍ مِنَ الْخَيْرِ مِنْكَ، وَأَنْتَ أَقْرَبُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَحِمًا، وَلَقَدْ نِلْتَ مِنْ صِهْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا لَمْ يَنَالَاهُ، وَمَا سَبَقَاكَ إِلَى شَيْءٍ، فَاللَّهَ اللَّهَ فِي نَفْسِكَ، فَإِنَّكَ وَاللَّهِ مَا تُبْصِرُ مِنْ عَمَى وَلَا تَعْلَمُ مِنْ جَهَالَةٍ، وَإِنَّ الطَّرِيقَ لَوَاضِحٌ بَيِّنٌ، وَإِنَّ أَعْلَامَ الدِّينِ لَقَائِمَةٌ. اعْلَمْ يَا عُثْمَانُ أَنَّ أَفْضَلَ عِبَادِ اللَّهِ إِمَامٌ عَادِلٌ هُدِيَ وَهَدَى، فَأَقَامَ سُنَّةً مَعْلُومَةً وَأَمَاتَ بِدْعَةً مَتْرُوكَةً، فَوَاللَّهِ إِنَّ كُلًّا لَبَيِّنٌ، وَإِنَّ السُّنَنَ لَقَائِمَةٌ لَهَا أَعْلَامٌ، وَإِنَّ الْبِدَعَ لَقَائِمَةٌ لَهَا أَعْلَامٌ، وَإِنَّ شَرَّ النَّاسِ عِنْدَ اللَّهِ إِمَامٌ جَائِرٌ ضَلَّ وَأَضَلَّ، فَأَمَاتَ سُنَّةً مَعْلُومَةً وَأَحْيَا بِدْعَةً مَتْرُوكَةً، وَإِنِّي أُحَذِّرُكَ اللَّهَ وَسَطَوَاتِهِ وَنَقَمَاتِهِ، فَإِنَّ عَذَابَهُ شَدِيدٌ أَلِيمٌ، وَأُحَذِّرُكَ أَنْ تَكُونَ إِمَامَ هَذِهِ الْأُمَّةِ الَّذِي يُقْتَلُ فَيَفْتَحُ عَلَيْهَا الْقَتْلَ وَالْقِتَالَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَيَلْبِسُ أُمُورَهَا عَلَيْهَا وَيَتْرُكُهَا شِيَعًا لَا يُبْصِرُونَ الْحَقَّ لِعُلُوِّ الْبَاطِلِ، يَمُوجُونَ فِيهَا مَوْجًا، وَيَمْرَجُونَ فِيهَا مَرْجًا.

فَقَالَ عُثْمَانُ: قَدْ عَلِمْتُ وَاللَّهِ لَيَقُولُنَّ الَّذِي قُلْتَ، أَمَا وَاللَّهِ لَوْ كُنْتَ مَكَانِي مَا عَنَّفْتُكَ وَلَا أَسْلَمْتُكَ وَلَا عِبْتُ عَلَيْكَ وَلَا جِئْتُ مُنْكِرًا، أَنْ وَصَلْتَ رَحِمًا وَسَدَدْتَ خَلَّةً وَآوَيْتَ ضَائِعًا، وَوَلَّيْتَ شَبِيهًا بِمَنْ كَانَ عُمَرُ يُوَلِّي. أَنْشُدُكَ اللَّهَ يَا عَلِيُّ هَلْ تَعْلَمُ أَنَّ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ لَيْسَ هُنَاكَ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَتَعْلَمُ أَنَّ عُمَرَ وَلَّاهُ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَلِمَ تَلُمْنِي أَنْ وَلَّيْتُ ابْنَ عَامِرٍ فِي رَحِمِهِ وَقَرَابَتِهِ؟ قَالَ عَلِيٌّ: إِنَّ عُمَرَ كَانَ يَطَأُ عَلَى صِمَاخِ مَنْ وَلَّى إِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>